"إنني أعلم أكثر من أي شخص آخر أن إسبانيا كانت سرطاناً مزعجاً كان لابد من علاجه قبل أن نستطيع الدخول في مثل هذه الحرب المرعبة التي لابد أن تكون معركتها الأولى على بعد ألف وخمسمائة ميل من حدودي".
وكان نابليون قد بدأ استعداداته العسكرية في سنة ١٨١٠ بتقوية الحاميات الفرنسية في دانتسج (دانزج) Danzig وأوعز - بالإضافة لذلك - بحذر شديد، إلى تنظيم أمور العسكر الفرنسيين في بروسيا. وفي يناير ١٨١١ استدعى للخدمة العسكرية الذين أتى عليهم الدور في هذا العام ووزَّعهم على طول الساحل الألماني من نهر إلبا Elbe إلى نهر أودر Oder تحسباً لهجوم بحري روسي. وفي الربيع أمر أمراء كونفدرالية الراين أن يجهزوا حصتهم من الجنود المفروض تقديمها لجيوش نابليون، للقيام بعمل عسكري فعلي. وفي أغسطس بدأ في دراسة الأراضي الروسية دراسة جادة متأنية، ووقع اختياره على شهر يونيو كأفضل شهر لغزوها. وفي ديسمبر نشر شبكة جواسيس للعمل في روسيا وما حولها.
وبحلول شهر فبراير سنة ١٨١٢ كان الطرفان قد أتما التعبئة العامة اللازمة للحرب. كانت عملية التجنيد في فرنسا تُوحي بهبوط حاد في شعبية الجيش: من بين ٣٠٠،٠٠٠ تم استدعاؤهم للخدمة اختفى ٨٠،٠٠٠ وتم البحث عن آلاف منهم باعتبارهم مجرمين (هاربين من الخدمة العسكرية). وكثيرون من المجندين الجدد تركوا الخدمة العسكرية أو كانوا كارهين للجندية وأثبتوا - بشكل خطير - أنه لا يمكن الاعتماد عليهم في الأزمات. أما في المعارك السابقة فقد كان المجندون الجدد يجدون أمامهم القدوة والمثال الطيب الذي يدعو للفخر في التشجيع الأبوي من المحاربين المخضرمين القدماء في الحرس الإمبراطوري، أما الآن فقد كان معظم رفاق المعارك هؤلاء قد ماتوا أو كانوا في إسبانيا أو بلغ بهم العمر عتيا. فلم يعودوا قادرين على القيام بأدوار بطولية فعلية وكل ما كانوا يستطيعونه هو اجترار ذكريات بطولاتهم الماضية. بل إنه لم يكن للمجنَّدين الجُدد إلهام من أمة موحدة ومتحمسة تقف وراءهم.
وقد ناشدهم نابليون كما ناشد رعاياه أن ينظروا إلى هذا المشروع كحرب مقدسة تشنها الحضارة الغربية ضد موجة غرور البربرية السلافية Slavic barbarism لكن الفرنسيين المتشككين كانوا قد سمعوا مثل هذه الحكايات من قبل، وعلى أية حال فقد كانت روسيا بعيدة بعداً