للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روسيا في حرب مقدسة (جهاد) وأن نتعاون مع فرنسا في مسيرة متزامنة إلى موسكو، ويستعيد الباب العالي - في حالة نجاح الحملة - ولاياته الدانوبية Danubian مع ضمان سيطرته على القرم Crimea والبحر الأسود. لكن الباب العالي وقد تذكر أن نابليون قد حارب الترك (العثمانيين) في مصر والشام، وأنه عرض في تيلسيت على إسكندر أن يتصرف كما يحلو له ضد تركيا (الدولة العثمانية) - رفض عروض نابليون، ووقع - أي السلطان العثماني - اتفاق سلام مع روسيا (٢٨ مايو ١٨١٢)، وفي ٥ أبريل وقع إسكندر اتفاقية تعاون مشترك مع السويد، وفي ١٨ أبريل عرض على بريطانيا العظمى التحالف. وفي ٢٩ مايو أعلن أن كل الموانئ الروسية مفتوحة لسفن كل الأمم. والحقيقة أن هذا الإعلان كان يعني الانسحاب من الحصار القاري (الذي فرضه نابليون) وإعلان الحرب على فرنسا.

ومع هذه المبارزة الدبلوماسية كانت تجري واحدة من أكثر الاستعدادات العسكرية في التاريخ ضخامة. وفي هذا المجال كانت مهمة إسكندر أبسط وأضيق من مهمة نابليون. لقد كان أمام إسكندر دولة واحدة كان عليه تعبئة قواتها ومشاعرها. أما تعبئة المشاعر فكادت تتم بدون مجهود منه: فروسيا الأم هبت بشكل تلقائي ضد جحافل البرابرة الذين نظموا أنفسهم وعلى رأسهم كافر وتوجهوا لغزو روسيا. وتحولت العاطفة الوطنية التي أدت فيما سبق إلى إدانة سلام تيلسيت إلى دعم ذي طابع ديني للقيصر، فحيثما ذهب تحلق حوله البسطاء رجالا ونساء يُقبّلون حصانه أو حذاءه. أما وقد وجد نفسه بهذه القوة فقد زاد من عدد جيوشه وأمرها بالاستعداد للحرب، ومرْكز ٢٠٠،٠٠٠ جندي على طوال الدفينا Dvina والدنيبر Dnieper وهما أطول نهرين يفصلان روسيا الروسية عن ليتوانيا والولايات البولندية التي حصلت عليها روسيا في أثناء تقسيم بولندا.

أما تعبئة نابليون فكانت أكثر تعقيداً. لقد واجه الصعوبة المبدئية المتمثلة في أن ٣٠،٠٠٠ جندي فرنسي واثنى عشر جنرالاً فرنسيا كانوا متورطين في إسبانيا والحاجة إليهم أكثر لمنع ولينجتون Wellington من اجتياح شبه جزيرة أيبيريا واجتياز جبال البرانس إلى فرنسا. لقد كان نابليون يأمل العودة إلى إسبانيا ليكرر نصراً آخر كالذي كان قد أحرزه في سنة ١٨٠٩، والآن كان على نابليون أن يختار بين فقد إسبانيا والبرتغال والحصار القاري من ناحية، وفقد