للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السادس

[العلاقات الجنسية قبل الزواج]

تبدو أثينة إبان مجدها شرقية أكثر منها أوربية في أخلاق أهلها، كما تبدو كذلك في حروفها الهجائية، وقي مقاييسها وموازينها، وسكتها، وملابسها، وموسيقاها، وفلكها، وطقوسها الصوفية. ففي الأخلاق يعترف الرجال والنساء اعترافاً صريحاً بأن العلاقة الجنسية هي أساس الحب، ولذلك لم يكن شراب العشاق الذي تعصره السيدات المشتاقات يقدم للرجال المهملين لأغراض أفلاطونية خالصة. لقد كانوا يطلبون إلى النساء المحترمات أن يكن عفيفات قبل الزواج؛ أما الرجال غير المتزوجين فلم تكن تفرض على شهواتهم الجنسية، بعد أن يبلغوا الحلم، إلا القليل من القيود الخلقية. وقد كانت الأعياد الكبرى، وهي دينية في أصلها، صمامات الأمان لما طبعت عليه البشرية من شهوة جنسية مختلطة؛ فكانوا في هذه المناسبات يتغاضون عن التحرر من القيود في العلاقات الجنسية لاعتقادهم أن هذا ييسر لهم فيما بقي من العام أن يقتصر كل منهم على زوجته الوحيدة. ولم يكن الأثينيون يرون أن في اتصال الشبان بالخليلات من آن إلى آن شيئاً من العار، ولقد كان في وسع المتزوجون أنفسهم أن يبسطوا حمايتهم على تلك الخليلات، ولا ينالهم لهذا السبب عقاب أخلاقي أكثر من تأنيب زوجاتهم في بيوتهم وشيء قليل من سوء السمعة في المدينة (٥٨). وكانت أثينة تعترف بالبغاء رسمياً وتفرض ضريبة على البغايا.

وأصبح العهر في أثينة، كما أصبح في معظم مدن اليونان، مهنة كثيرة الرواد، ذات فروع مختلفة لكل فرع إخصائيات. وكانت السبيل ميسرة أمام ذات الكفاية للترقي في هذه المهنة كما كانت ميسرة للترقي في غيرها من