المهن في تلك المدينة. وكانت أسفل طبقة من العاهرات هي طبقة البرناي pornai، ويسكن معظم أفرادها في بيرية في مواخير عامة يسهل على الجمهور الاستدلال عليها بصورة قضيب بريابوس المعلقة عليها. وكان رسم الدخول في هذه المواخير أوبلة واحدة، وكان الداخل يجد فيها البنات في أثواب لا تكاد تستر منهن شيئاً، ولذلك يسمين الجمناي (أي العاريات)، وكن يجزن لمن يرون ابتياعهن أن يختبروهن كما تختبر الكلاب في بيوتها. وكان في وسع الرجل أن يعقد الصفقة التي يريدها للزمن الذي يبتغيه، ويتفق مع ربة البيت على أن يستأجر منها بنتاً تعاشره أسبوعاً، أو شهراً، أو سنة. وكانت البنت أحياناً تؤجر بهذه الطريقة لرجلين أو أكثر من رجلين في وقت واحد توزع وقتها بينهم حسب مواردهم المالية (٦١). وتلي هذه الطبقة عند الأثينيين طبقة العازفات على القيثارة، وأولئك يُستخدمن، كما تستخدم المسامرات في اليابان، في الليالي "الحمراء" يمرحن ويعزفن، ويرقصن رقصاً فنياً أو خليعاً مثيراً للشهوات، ثم يبتن مع مَن يريدهن من الرجال (٦٢). وكانت قليلات من عجائز العاهرات يدرأن عن أنفسهن شر الفاقة بإنشاء مدارس لتدريب تلك البنات العازفات، يعلمنهن كيف يجملن أنفسهن، ويسترن عيوب أجسامهن، ويسلين الرجال بالعزف على الآلات الموسيقية، كما يعلمنهن كيف يتصنعن الحب والدلال. وقد حرصت الروايات المتواترة على أن تحتفظ العاهرات جيلاً بعد جيل، احتفاظ الإنسان بأثمن تراث، بالطرق التي يلهبن بها القلوب، كالتظاهر بالحب بعقل وروية، وإطالة أمده بتصنع الدلال والإباء، والحصول به على أكبر أجر مستطاع (٦٣). لكن بعض العازفات، إذا صدقنا ما قاله عنهن لوشيان بعد ذلك العصر، كانت لهن قلوب رحيمة رقيقة، وكن يعرفن الحب الحقيقي، ويضحين بأنفسهن من أجل عشاقهن كما ضحت بنفسها كامي Camille. إن قصة العاهرة الشريفة قصة قديمة شابَ قرناها وخلع عليها طول الزمن شيئاً من الجلال والتبجيل.