وكانت أرقى طبقات العاهرات الأثينيات هي طبقة الهتايراي hetairai- ومعناها الحرفي الرفيقات. ولم تكن هؤلاء الرفيقات مثل طبقة البورناي تتكون في الغالب من نساء شرقيات المولد، بل كانت تتألف في العادة من بنات المواطنين اللاتي سقطن لسبب من الأسباب، أو فررن من العزلة المفروضة على العذارى والنساء الأثينيات. وكن يعشن مستقلات بأنفسهن ويستقبلن في بيوتهن مَن يغوين من العشاق. وكانت كثرتهن سمراوات بطبيعتهن، ولكنهن كن يصبغن شعرهن باللون الأصفر لاعتقادهن أن الأثينيين يفضلون الشقراوات؛ وكنّ يميزن أنفسهن بلبس أثواب منقوشة بالورد، ولعل هذه الثياب كان يفرضها عليهن القانون (٦٤). وكان بعضهن يحصلن على قدر لا بأس به من التعليم بالقراءة المستقلة من حين إلى حين، وبالاستماع إلى المحاضرات، وكن يسلين روادهن المثقفين بحديثهن المنطوي على قدر من العلم والثقافة. وقد اشتهرت منهن تاييس Thais وديوتيما Diotima وثارجليا Thargelia، وليونتيوم Leontium، كما اشتهرت أسبازيا، بمناقشاتهن الفلسفية، واشتهرن أحياناً بأسلوبهن الأدبي المصقول (٦٥). وذاعت شهرة الكثيرات منهن بفكاهاتهن الحلوة، وفي الآداب الأثينية لهن مجموعة من المقطوعات الشعرية الفكهة (٦٦). وكانت العاهرات على اختلاف طبقاتهن محرومات من الحقوق المدنية، لا يجوز لهن أن يدخلن هيكلاً من الهياكل عدا هيكل إلهتهن أفرديتي بندموس Aphrodite Pandenos، ولكن قلة مصطفاة من الهتايراي كانت لهن منزلة عالية في مجالس الرجال الاجتماعية في أثينة، ولم يكن أحد من الرجال يستحي أن يُرى في صحبتهن، وكان الفلاسفة يتبارون في كسب ودهن، ومن المؤرخين من يروي تاريخهن بنفس الخشوع والإجلال الذي يرويه به بلوتارخ (٦٧).
وبهذه الطرق خلدت بعض أسماءهن. فمن هؤلاء كلبسدرا التي سُميت كذلك لأنها كانت تُخرج عشاقها من عندها بعد ساعات محددة تحصيها بساعة