أينما ذهب، ألّف الموسيقى، ففي سنة ١٨١١ وضع المجموعة الموسيقية ٩٧ في شكلها الأخير (in B Flat) (Opus ٩٧) وهي ثلاثية للبيان والفيولين (الكمان) والفيولونشللو Violoncello وأهداها إلى الأرشدوق رودلف، فحملت اسمه. وهي المجموعة الأكثر بهجة ووضوحاً من بين أعماله إذ لا يعتريها الاضطراب إلا في أضيق الحدود، وهي متناسقة فيها تكامل عضوي يُضفي عليها الجمال الكلاسيكيَّ والمهابة. وكان ظهوره لآخر مرّة كمؤدٍ (عازف) على البيان عند تقديمه لهذا العمل الكلاسيكي في أبريل سنة ١٨١٤. لقد كان الآن (عند أداء هذا العمل) وقد بلغ به الصمم حدا يجعله يفقد الحكم الصائب على صحة الضرب على مفاتيح البيان، فبعض الأصوات الصارخة (الفورتيسيمي Fortissimi) كانت تخفت منه، وبعض الأصوات الواهنة (البيانيسِّيمي Pianissimi) كانت تتلاشى منه وتصبح غير مسموعة.
وفي مايو سنة ١٨١٢ بينما كان نابليون يسوق نصف مليون مقاتل إلى الموت في روسيا، أصدر بيتهوفن سيمفونيته السابعة التي قلما عزفها العازفون، وهي تبدو الآن أفضل من سيمفونيتيه الخامسة والسادسة. هنا (في السيمفونية السابعة) نجد ألحانا حزينة جنائزية مُعتمة لضياع العظمة وتحطم الآمال، وهنا أيضاً حنين، وهنا حزن لضياع الحب الباقي، وهنا تساؤل حول السلام ومحاولة للفهم .. وكما كان مارشه March الجنائزي مقدمة موسيقية عفوية (غير مقصودة) لهزيمة نابليون في موسكو فإن عرضه (أداءه) للمرة الأولى في ٨ ديسمبر ١٨١٣ كان مُزامنا لانهيار قوات نابليون في ألمانيا وأسبانيا. وقد أسعد الاستقبال الحماسي الذي لقيته هذه السيمفونية المتشائم العجوز (بيتهوفن) الذي استمر في إنتاج أعمال خالدة التي لابد أن نعتبرها بالنسبة إليه كأعمال كيتس Keats في الجرّة الإغريقية Grecian Urn: أغان بسيطة بلا نغم.
ولم يستقبل مستعمو الموسيقى سيمفونيته الثامنة استقبالاً حسناً كسابقتها، وكان قد كتبها في أكتوبر سنة ١٨١٢. واسترخى الأستاذ وقرر ألاّ يعكف على الأعمال ثقيلة الوطأة، ولم يتوافق تمام الموافقة مع مزاج أمةٍ ترقب مصيرها (قدرها) يومياً وهو معلَّق على نتائج