وكان الباب قد خلفه غير ما كان عليه البابوات في روما إبان عصر النهضة: كان بابا عاقداً العزم على أن يكون رجلاً مسيحياً مهما كلفه ذلك من جهد. وكان مولده من أسرة وضيعة في أوترخت Utrecht (١٤٥٩) ، وأشرب حب العلم والتقى من طائفة "إخوان الحياة المشتركة" في ديفنتر، Deventer والفلسفة المدرسية واللاهوت في لوفان Louvain؛ واختير في الرابعة والثلاثين من عمره مديراً لتلك الجامعة، ثم عين في سن السابعة والأربعين مربياً لشارل الخامس، وفي عام ١٥١٥ أرسل في بعثة إلى أسبانيا، وفيها أعجب فرديناند بمقدرته الإدارية، وباستقامته الخلقية إعجاباً حمله على تعيينه أسقفاً لطرطوشة. ولما توفي فرديناند ساعد أدريان الكردنال اكسمينس Ximenes على أن يحكم أسبانيا أثناء غيبة شارل؛ وفي عام ١٥٢٠ أصبح نائباً للإمبراطور على قشتالة. وظل وهو يتدرج في معارج الرقي متواضعاً معتدلاً في كل شيء عدا قوة العقيدة، بسيطاً في معيشته، يتعقب الملحدين بحماسة جمعت قلوب الشعب على حبه. ووصلت أنباء فضيلته إلى روما فاختار ليو كردنالا، ولما انعقد المجلس المقدس بعد وفاة ليو رشح أدريان للجلوس على كرسي البابوية، وكان ذلك فيما يظهر على غير علم منه، وأكبر الظن أنه كان بتأثير شارل الخامس. وفي الثاني من شهر يناير سنة ١٥٢٢ اختير للجلوس على كرسي البابوية رجل من غير الإيطاليين لأول مرة منذ عام ١٣٧٨، ومن التيوتون لأول مرة منذ عام ١١٦١.
ترى كيف يستطيع أهل روما وهم الذين لا يكادون يسمعون شيئاً عن أدريان يصفحون عن هذه الإهانة التي لحقت بهم باختياره بابا؟ لقد اتهم