الشعب الكرادلة بأنهم طاشت أحلامهم،. وأنهم "خانوا دم المسيح" وأذيعت على الشعب منشورات يطلب فيها أصحابها أن يعرفوا كيف "استسلمت الفاتيكان لغضب الألمان"(١٦). وكتب أريتينو قصة كانت آية في الطعن والهجاء سمى فيها الكرادلة "غوغاء مدنسين"، ودعا الله أن يواروا الثرى أحياء (١٧). وغطى تمثال بسكوينو بالمطاعن والهجاء؛ وتوارى الكرادلة لأنهم كانوا يخشون أن يظهروا أمام الجماهير، وعزوا هذا الاختبار إلى الروح القدس الذي أوحى به إليهم على حد قولهم (١٨). وغادر كثير منهم مدينة روما فراراً من وقاحة الشعب وبطش الإصلاح الكنسي. أما أدريان فقد بقى هادئاً في أسبانيا ينجز فيها عمله الذي لم يكن قد تم بعد، وأبلغ الحكومة البابوية أنه لا يستطيع القدوم إلى روما قبل أن يحل شهر أغسطس. ولم يكن يعلم بفخامة الفاتيكان، فكتب إلى صديق له من أهل روما يطلب إليه أن يستأجر له بيتاً متواضعاً ذا حديقة ليقيم فيه. ولما قدم إلى المدينة آخر الأمر (ولم تكن عيناه قد وقعتا عليها من قبل)؛ روع وجهه الأصفر الزاهد وجسمه النحيل من شاهدوه، وبعثا في قلوبهم إجلاله ومهابته؛ ولكنه حين نطق وظهر للإيطاليين أنه لا يعرف اللغة الإيطالية، وأنه حين يتكلم اللاتينية يخرج الحروف من حلقه، فكان بذلك بعيداً كل البعد عن النغم الإيطالي العذب والرشاقة الإيطالية، لما فعل هذا امتلأت قلوب أهل روما غضباً ويأساً.
وأحس أدريان أنه سجين في الفاتيكان وأعلن أن ذلك القصر أبق بقسطنطين منه بالقديس بطرس، وأمر بوقف جميع أعمال الزخرفة في حجره، وأقال جميع أتباع رافائيل الذين كانوا يقومون بهذا العمل، وأبعد جميع السائسين الأربعمائة اللذين كان ليو يستخدمهم في إسطبلاته عدا أربعة منهم. ولم يبق من خدمه الخصوصيين إلا اثنين لا أكثر- كلاهما من الهولنديين- وأمرهما أن يخفضا نفقات بيته إلى دوقة واحدة (اثني عشر دولاراً ونصف