الملكي في الحكم المركزي. وكان من الأمور التي لا بد من توقعها أن تتعرض الملكية للانقلابات المتكررة، تقوم بها أحزاب النبلاء المهيمنين على إمدادهم العسكرية للحكومة، وأن تسعى الملكية إلى الحكم المطلق، وأن تعتمد على الدين معواناً لجنودها وشرطتها وقضاتها على صيانة الاستقرار الاجتماعي والسلام الداخلي.
وكان الفساد عقبة كؤوداً سدت كل مسالك الإدارة. وحتى النبلاء الأثرياء الملتفون حول العرش كان من السهل اجتذابهم بـ "الهدايا". يقول كاستيرا الذي كان معاصراً تقريباً لهذه الحقبة "إن كان هناك عاصم الروس من التملق، فإنه ما من أحد منهم يستطيع مقاومة إغراء الذهب (١١) ". وكان النبلاء يهيمنون على حرس القصر، ذلك الحرس المعز المذل، الذي يقيم الملوك ويخلعهم، ويؤلفون طبقة مميزة من الضباط في الجيش، ويملأون مجلس الشيوخ الذي كان يشرع القوانين في عهد اليزابيث، ويرأسون الوزارات (الكوليجيا) التي تهيمن على العلاقات الخارجية، والمحاكم، والصناعة، والتجارة، والمالية، ويعينون الكتبة الذين يواصلون السير على النظام البيروقراطي، ويوجهون اختيار الحاكم للمحافظين، الذين يديرون الـ "جوبرنيات" أي المحافظات التي انقسمت إليها الإمبراطورية ويختارون (بعد ١٧٦١)"الفويفوديين" الذين يحكمون الأقاليم. وكان مكتب الرقيب المالي المؤلف أكثره من رجال الطبقة الوسطى يبسط ظلله على جميع فروع الحكومة، وهو مكتب مخابرات اتحادي، مخول له أن يكشف ويعاقب الاختلاس، ولكنه ألقى نفسه محبطاً رغم استخدامه المخبرين على نطاق واسع. فلو أن الملك رفت كل موظف مذنب بالرشوة والفساد لتوقف دولاب الدولة. وكان في جباة الضرائب من الفهم للمال مالاً يبقى لخزانة الدولة مما يجمعون أكثر من ثلثه. (١٢)
[٢ - الدين والثقافة]
كان للدين سلطان كبير في روسيا. لأن الفقر كان مدقعاً، ولأن تجار الأمل وجدوا مشترين كثيرين. واقتصرت الشكوكية على طبقة عليا