إذا أقدمنا الآن على تصوير اليابان التي أسدل عليها الستار عام ١٨٥٣، فلنذكر أنه من العسير علينا أن نفهم- كما قد يكون كذلك من العسير أن نحارب- شعباً يبعد عنا خمسة آلاف ميل، ويختلف عنا لوناً ولغة وحكومة وديانة وخلقاً وعادات وشخصية وأهدافاً وأدباً وفناً، ولقد كان "هيرن" أوثق صلة باليابان من أي كاتب غربي آخر في عصره، ومع ذلك فقد ذكر "الصعوبة الشديدة في إدراك وفهم ما يكمن تحت السطح الظاهر من الحياة اليابانية"(١)، وكتب أديب ياباني بارع مقالة يذكر فيها الغرب بأن:"ما تعلمه عنا قائم على ما جاءك من ترجمة هزيلة لأدبنا، إن لم يكن قائماً على الحكايات المشكوك في صحتها مما يرويه لك عنا الرحالة العابرون .... فما أكثر ما يروعنا نحن الآسيويين هذا النسيج العجيب الذي يمزج الحقائق بالأوهام حين تتحدثون عنا أيها الغربيون؟ فنراكم تصوروننا كأنما نعيش في عالم كله عطر من زهرة اللوتس، أو نعيش على طعام من الفئران والصراصير"(٢) فلن تجد فيما يلي- إذن- أكثر من محاولات- قائمة على معرفة مباشرة موجزة أشد إيجاز- لدراسة الحضارة اليابانية، والخلق الياباني؛ وينبغي لكل باحث أن يصحح هذه المحاولات بما يقع له من خبرة شخصية طويلة، فالدرس الأول الذي تلقيه علينا الفلسفة هو أننا قد نكون جميعاً مخطئين.