أبداً. وعندما عاد لا كاس Las Cases إلى فرنسا سنة ١٨٠٥ من جولة في ستين دائرة (محافظة) ذكر في تقرير له أن فرنسا لم تكن في أي فترة في تاريخها أكثر قوة وانتعاشا وسعادة، وأفضل حكما مما هي عليه الآن وكان لا كاس أحد الذين هاجروا من فرنسا عقب أحداث الثورة الفرنسية لكنه عاد إليها بعد العفو عنه. وفي سنة ١٨١٣ زعم وزير الداخلية الكونت دي مونتاليف Montalivet: " أن هذا الرخاء المستمر راجع إلى القضاء على النظام الإقطاعي، والنظام الطبقي والنظم الدّيرية … والاتجاه بشكل أكثر نحو توزيع أكثر عدالة للثروة وتبسيط القوانين وجعلها أكثر وضوحاً"
وفي سنة ١٨٠٠ كان تعداد سكان فرنسا حوالي ٢٨ مليون، أصبحوا في سنة ١٨١٣ ثلاثين مليوناً. ولا تبدو هذه الزيارة مروّعة لكن لو كانت هذه النسبة في الزيادة قد استمرت حتى سنة ١٨٧٠ (حتى بدون حساب الزيادة المركبة) لكان على ابن أخي نابليون أن يحكم خمسين مليوناً ليواجه بهم تحدي ألمانيا بزعامة بسمارك.
٢ - المعلّمون
لقد لاحظنا أن نابليون خلال فترة القنصلية (الفترة التي كان يحكم فيها فرنسا كقنصل أول) يحاول أن يقدم لفرنسا في فترة ما بعد الثورة نظاماً جديداً ويُعيد إليها الاستقرار بمدوَّنة القانون المدني، وكونكوردات السلام Concordat (الاتفاق مع البابا) والتعاون بين حكومته والدين التقليدي للشعب الفرنسي.
وبالإضافة إلى هذه القوى المكوّنة للوجدان الفرنسي، رأى نابليون أن يضيف قوّة أخرى ثالثة بإعادة تنظيمه التعليم في فرنسا. من بين كل الآليات الاجتماعية، ربما كانت المدرسة هي الأكثر فعالية وتأثيراً، لأنها تمارس على الأطفال والشباب ثلاثة أنواع من التأثيرات بشكل مباشر وغير مباشر: تأثير الناظر والمدرسين، وتأثير من خلال الدراسة المشتركة، وتأثير أخير من خلال القواعد المتبعة والإجراءات المرعية.
لقد كان نابليون مقتنعاً أن سبباً واحداً كان كامناً وراء انهيار القانون والنظام أثناء الثورة الفرنسية هو عدم قدرتها على ترسيخ نظام تعليمي جديد يكفي ليحل محل النظام التعليمي الذي كانت تديره الكنيسة