كل فعل واع إلى الرغبة في اللذة أو الخوف من الألم، وعرف السعادة بأنها "الاستمتاع باللذة، والأمان من الألم"(٦٨). ولاح أن هذا يبرر الأنانية المطلقة، غير أن بنتام طبق مبدأ السعادة على الأفراد كما طبقه على الدول، فهل أفضى فعل الفرد إلى أعظم قدر من السعادة له؟ في رأيه أن الفرد في المدى البعيد ينال أعظم لذة أو أقل ألم بتوخيه الإنصاف مع أخوانه البشر.
وقد مارس بنتام ما بشر به، لأنه كرس حياته لسلسلة طويلة من مقترحات الإصلاح: التصويت العام للذكور البالغين المتعلمين، والاقتراع السري، والبرلمانات السنوية، وحرية التجارة، والنظافة الصحية العامة، وتحسين أحوال السجون، وتطهير القضاء، وإلغاء مجلس اللوردات، وتحديث القانون وجمعه وتنسيقه في لغة مفهومة لغير القانونيين، وتوسيع القانون الدولي (وبنتام هو مخترع هذا المصطلح)(٦٩). وقد خرج إلى النور الكثير من هذه الإصلاحات في القرن التاسع عشر، وأكثر الفضل في ذلك لمجهود "اتباع مذهب المنفعة" و "الراديكاليين الفلاسفة" من أمثال جيمس وجون ستيوارت مل، وديفد ريكاردو، وجورج جروت.
كان بنتام آخر صوت من أصوات حركة التنوير، والمعبر بين فكر القرن الثامن عشر المحرر وإصلاحات القرن التاسع عشر. ولقد وثق بالعقل ثقة أكثر حتى من ثقة جماعة الفلاسفة به، وظل أعزباً لآخر حياته مع أنه كان أحب الرجال وألطفهم. وحين مات (٦ يونيو ١٨٣٢) وهو في الرابع والثمانين أوصى بأن تشرح جثته في حضرة أصدقائه. فشرحت، وما زال هيكله محفوظاً في الكلية الجامعية بلندن، مرتدياً ثياب بنتام المألوفة (٧٠). وغداة موته وقع الملك "قانون الإصلاح" التاريخي الذي جسد الكثير من مقترحاته.
[٥ - المسرح]
أ - التمثيل
كان هذا النصف الثاني من القرن الثامن عشر غنياً في المسرح فقيراً في الدراما. فقد شهد لفيفاً من أروع الممثلين في التاريخ، ولكنه لم ينجب غير