للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومات (١٧٩٠). ولم تثمر جهوده للإصلاح إلا نتائج متواضعة. فقانون ١٧٧٤ أهمله معظم السجانين والقضاة. ولم تظهر أوصاف سجون لندن في ١٨٠٤ و١٨١٧ أي تحسين منذ عصر هوارد، "لعل الأحوال أصبحت أسوأ لا أحسن" (٦٠)، وكان على الإصلاح أن ينتظر. ووصف دكنز لسجن نيو مارشالسيا في قصته "دوريت الصغيرة" (١٨٥٥).

أما جريمي بنتام فإن جهوده المتنوعة لإصلاح القانون والحكومة والتعليم بذل أكثرها بعد هذه الفترة، ولكن كتيه "مقال صغير عن الحكومة" (١٧٧٦) مكانه هنا، لأنه في المقام الأول نقد لبلاكستون. فقد احتقر عبادة الفقيه للتقاليد الموروثة، وذكر أن "ما رسخ الآن كان يوماً بدعة" (٦١)، ونزعة المحافظة الحاضرة إنما هي تبجيل للراديكالية الماضية؛ إذن فالذين يدعون إلى الإصلاحات لا يقلون وطنية عن أولئك الذين يرتعدون فرقاً لفكرة التغيير. "في ظل حكومة القوانين ما هو شعار المواطن الصالح؟ أن يطيع في دقة وأن ينفذ في حرية" (٦٢). وقد رفض بنتام رأي بلاكستون في السيادة الملكية؛ فالحكومة الصالحة توزع السلطات، وتشجع كلاً منها على كبح شطط غيرها، وتسمح بحرية الصحافة، والتجمع والمعارضة السلميتين. والثورة في نهاية المطاف قد تحدث للدولة ضرراً أقل مما يحدثه الخنوع المبلد للطغيان (٦٣). وقد نشر هذا الكتيب سنة الإعلان الأمريكي للاستقلال.

وقد شرح بنتام في هذا المقال ذاته "مبدأ السعادة العظم" الذي أطلق عليه جون ستيوارت مل في ١٨٦٣ اسم "مذهب المنفعة". "أن أعظم سعادة لأكبر عدد هو مقياس الحق والباطل" (٦٤)، وينبغي الحكم على جميع المقترحات والممارسات الأخلاقية والسياسية بمقتضى "مبدأ المنفعة" هذا، لأن "وظيفة الحكومة أن تزيد من سعادة المجتمع" (٦٥). وقد اقتبس بنتام "مبدأ السعادة" هذا من هلفتيوس، وهيوم، وبريستلي، وبكاريا، (٦٦) وتكونت وجهة نظره العامة من قراءته لجماعة الفلاسفة (٦٧).

وفي ١٧٨٠ ألف كتاب "مقدمة لمبادئ الأخلاق والتشريع" الذي نشره في ١٧٨٩، وضمنه عرضاً لأفكاره أكثر تفصيلاً وفلسفة. وقد رد