من رسوم؛ فكان السجين إذا قضى مدة عقوبته لا يفرج عنه إلا بعد أن يدفع جميع الرسوم المطلوبة منه، وكان الكثيرون يظلون رهن السجن شهوراً بعد أن تتبين للمحكمة براءتهم. وقد وجد هوارد في رحلاته من مقاطعة إلى مقاطعة مظالم مماثلة أو أسوأ. فكان المدينون الذين يقصرون في الوفاء بدينهم، والمذنبون لأول مرة، يلقون معاً في مكان واحد مع مدمني الجريمة. وكان أكثر السجناء يوثقون بالأغلال التي تثقل أو تخف حسب الرسم الذي يدفعونه. وكانت جراية السجين في اليوم خبزاً ثمنه بنس أو بنسان، فإذا أراد مزيداً من الطعام فعليه أن يدفع ثمنه أو يعتمد فيه على الأقرباء أو الأصدقاء. أما الماء فجرايته للسجين ثلاثة بنسات في اليوم للشرب والاغتسال. ولا يزود السجناء بوسائل للتدفئة في الشتاء، أما في الصيف فتهوية لا تذكر. وكان النتن الذي يفوح من هذه الزنزانات من الشدة بحيث ظل لاصقاً بثياب هوارد بعد خروجه منها بزمان. وكانت "حمى السجون" وغيرها من الأمراض تفتك بالكثير من السجناء، وكان البعض يموت بالجوع البطيء (٥٩). وفي سجن نيوجيت بلندن كان خمسة عشر إلى عشرين سجيناً ينزلون حجرة طولها ثلاثة عشر وعرضها خمسة وعشرون قدماً.
وفي ١٧٧٤ قدم هوارد للبرلمان تقريره عن خمسين سجناً زراها، ووافق مجلس العموم على قانون يشترط الإصلاحات الصحية في السجون، وتوفير الرواتب للسجانين، والإفراج عن جميع السجناء الذين لم تجد هيئة المحلفين الكبرى شكاوي مقدمة للمحكمة ضدهم. وفي ١٧٧٥ - ٧٦ زار هوارد سجون القارة، فوجد سجون هولندا خيرها تجهيزاً وترفقاً نسبياً بالسجناء، ومن أسوئها سجون هانوفر التي يحكمها جورج الثالث. وقد أيقظ ضمير الأمة من سباته كتاب هوارد "حالة السجون في إنجلترا وويلز … ووصف لبعض السجون الأجنبية"(١٧٧٧). فوافق البرلمان على تخصيص صندوق لـ "مؤسستين إصلاحيتين" تبذل فيهما محاولة لإصلاح السجناء بالمعاملة الفردية والعمل الخاضع للملاحظة، والتعليم الديني. واستأنف هوارد رحلاته، وروى نتائجها في طبعات جديدة من كتابه. وفي ١٧٨٩ جاب أنحاء روسيا، وفي خرسون أصيب بحمى المعسكرات