١٦٦١) كشف كولبير للملك عن المخبأ الذي أخفى فيه ثروته. فصادرها لويس، وأثلج بذلك صدر شعبه، وغدا أغنى ملوك زمانه. وهتف ظرفاء باريس لجينو، طبيب مازاران، لأنه رجل أحسن إلى الشعب كله، وقالوا "أفسحوا الطريق لنبالته. إنه الطبيب الطيب الذي قتل الكردينال"(١٥).
[٢ - الملك]
لم يكن أشهر ملوك فرنسا فرنسياً إلا بربع دمه. فقد كان نصف أسباني من ناحية أمه آن النمساوية، وربع إيطالي من ناحية جدته ماري مديتشي. وقد أولع بالفن والحب الإيطاليين دون تردد وبعد ذلك بالتدين والكبرياء الأسبانيين، وفي أخريات عمره أكثر شبهاً بجده لأمه، فيليب الثالث ملك أسبانيا، منه بجده لأبيه، هنري الرابع ملك فرنسا.
سمي عند ولادته (٥ سبتمبر ١٦٣٨ (ديودونيه Dioudonn أي "عطية الله"، ولعل الفرنسيين لم يستطيعوا أن يصدقوا أن لويس الثالث عشر قد حقق أبويته فعلاً دون عون من الله. وقد أضر بنمو الصبي وتطوره ما كان بين أبويه من تنافر، وموت أبيه الباكر، واضطرابات الفروند الطويلة الأمد. وكثيراً ما لقي الإهمال وسط نضال آن ومازاران المرة بعد المرة الاحتفاظ بالسلطة. وفي تلك الأيام التي لم تكن ظروفها مواتية لأي ملك، ذاق مرارة الفقر أحياناً في الملبس والطعام القليل. ويبدو أن أحداً لم يهتم بتعليمه، وحين تولاه المدرسون الخصوصيون كان همهم الأكبر أن يقنعوه بأن فرنسا بأسرها ميراثه الذي سيحكمه بالحق الإلهي، ولا يسأل عنه إلا أمام الله. ووجدت أمه الوقت لتدريبه على العقيدة والعبادة الكاثوليكية، اللتين سترتدان إليه في قوة بعد أن أنهكت فيه الشهوات وتضائل سناء المجد. ويؤكد لنا سان-سيمون أن لويس "لم يكد يعلمه أحد القراءة أو الكتابة، وإنه ظل جاهلاً كل