كتب بيكون "القارة الجديدة" ( The New Atlantis) " أبحرنا من بيرو التي كنا قد قضينا فيها سنة كاملة إلى الصين واليابان عبر البحر الجنوبي": هدوء تام، أرزاق محدودة، جزيرة تحوطها العناية الإلهية، شعب يحيا حياة سعيدة في ظل قوانين سنها لهم المغفور له الملك سليمان. وبدلاً من البرلمان. مجلس سليمان-مجموعة من المراصد والمعامل والمكتبات وحدائق الحيوان والنبات، مزودة برجال العلم ورجال الاقتصاد والفنيين والأطباء وعلماء النفس والفلاسفة، مختارين (كما هو الحال في جمهورية أفلاطون) بعد اختبارات متكافئة بعد فرص تعليمية متكافئة، ثم (دون إجراء انتخابات) يحكمون الدولة، أو بالأحرى، يحكمون الطبيعة، لمصلحة الإنسان. ويشرح أحد هؤلاء الحكام المتبربرين القادمين من أوربا فيقول:"إن غاية مؤسستنا هي معرفة أسباب الأشياء وحركاتها الخفية، وتوسيع حدود "إمبراطورية الإنسان، من أجل التأثير في كل الأشياء الممكنة (٧٠)"، وفي هذه "الفتنة" التي في جنوب المحيط الهادي اخترع سحرة سليمان بالفعل الميكروسكوب والتلسكوب والساعات الذاتية الملء، والغواصات والسيارات والطائرات، واكتشفوا المسكنات والتنويم المغناطيسي، ووسائل المحافظة على الصحة وإطالة العمر، ووجدوا طرق تطعيم النبات وتوليد أنواع جديدة، وتحويل المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة، ونقل الموسيقى إلى أماكن بعيدة. وفي مجلس سليمان ترتبط الحكومة والعلم معاً. وكل الأدوات وتنظيم البحث، وهو ما كان بيكون قد توسل إلى جيمس أن يزود به البلاد، موجودة هنا، في القارة الجديدة، كجزء من عدة الحكومة وأدواتها. والجزيرة تتمتع باستقلال اقتصادي، وهي تتحاشى التجارة الخارجية لأنها شرك ينصب للحرب. إنها تستورد المعرفة لا السلع. وهكذا يحتل الفيلسوف المتواضع مكان رجل الدولة المزهو بنفسه، كما أن نفس الرجل الذي كان قد نصح بالحرب أحياناً عند الاقتضاء، بوصفها دواء مقوياً أو منشطاً اجتماعياً، نراه الآن، وقد آذنت شمس حياته بمغيب، يحلم بجنة من السلام.
[٦ - صيحة العقل]
استمر بيكون يعمل حتى النهاية. فنشر بعد عام واحد من تقاعده، "تاريخ