المدينة شكراً لله الذي أخرج الإسلام من إسبانيا بعد إحدى وثمانين وسبعمائة سنة.
[٣ - فرديناند وإيزابلا]
يعد القرن الذي يقع بين موت هنري أمير ترستمارا (١٣٧٩)، واعتلاء فرديناند لعرش أرجوان، فترة ركود لإسبانيا. فقد تعاقبت مجموعه من الحكام الضعفاء وسمحوا للنبلاء بأن يعيثوا في الأرض فساداً بتنازعهم، وكانت الحكومة مهملة فاسدة، ولم يكن هناك رادع للثأر الشخصي، وكثرت الحروب الأهلية إلى حد أن الطرق لم تكن آمنة للتجارة، وكثيراً ما احتلت الجيوش الحقول، حتى اضطر الفلاحون إلى تركها جرداء. ولقد جون الثاني القشتالي فترة طويلة (١٤٠٦ - ٥٤) وكان كلفه بالموسيقى والشعر قد جعله لا يعنى بشئون الدولة، وتبعه تملك هنري الرابع الوبيل، وهو الذي اكتسب لقب إنريك العقيم بعدم كفايته الإدارية وعبثه بالعملة وبعثرة الموارد على المقربين الطفيليين. وأوصى بعرشه إلى جوانا، التي ادعى أنها ابنته، وأنكر النبلاء الغضاب أبوته وقدرته على الإنجاب، وأجبروه على أن يستخلف أخته إيزابلا ولكنه أعاد تأكيد بنوة جوانا وحقها في الحكم عندما جاءته الوفاة (١٤٧٤) ومن هذا الاضطراب المعطل للمرافق، صاغ فرديناند وإيزابيلا النظام والحكم اللذين جعلا أسبانيا أقوى دولة في أوربا مدى قرن من الزمان.
ومهد السفراء لتحقيق ذلك بإقناع إيزابيلا، وهي في الثامنة عشرة من عمرها أن تتزوج ابن عمها فرديناند، البالغ من العمر سبع عشرة سنة فقط (١٤٦٩) وكان العروسان معا من نسل هنري أمير ترستامارا، وكان فرديناند قد أصبح بالفعل ملكاً على صقلية، وإذا مات أبوه يصبح ملكاً على أرجوان ايضاً، فجمع الزواج لذلك ثلاث دول في مملكة قوية واحدة،