أو الخلود، أو الله. ولكن كانت كان قد وجد في تعاليم روسو-عن تهافت العقل، وأولية الوجدان، وانبثاق الدين من الحس الأخلاقي للإنسان-مهزباً مستطاعاً من اللاإرادية، والتحلل الخلقي، وبوليس فولنر. ورأى أن روسو أيفظه من "السبات العقائدي" في الأخلاق كما أيقظه هيوم في الميتافيزيقا (٥١). فكان كتابه الأول في النقد ينتمي إلى حركة التنوير، والثاني إلى الحركة الرومانتيكية، ومحاولة الجمع بين الاثنين كانت من أبرع الإنجازات في تاريخ الفلسفة. وقد عزا هايني المحاولة إلى الحرص على حاجات عامة الشعب: لقد رأى الأستاذ خادمه الأمين لامبه يبكي على موت الله؛ "فرق له قلب إيمانويل كانت، وأثبت أنه ليس فيلسوفاً عظيماً فحسب، بل إنساناً طيباً أيضاً، وقال بمزيج من العطف والتهكم: "يجب أن يكون للامبه العجوز إله، وإلا فلن يستطيع أن يكون سعيداً … أما من جهتي فأنا فإن العقل العملي يستطيع أن يضمن وجود الله" (٥٢).
[٤ - نقد الحكم]
١٧٩٠
ولا بد أن كانت نفسه كان غير راض عن براهينه، لأنه في كتابه "نقد الحكم" عاد إلى مشكلة الآلية مقابل الإرادة الحرية، وتقد إلى مشكلة الصراع بين الآلية والقصد، وأضاف إليها مقالات معقدة في الجمال، والجلال، والعبقرية، والفن. وهو مزيج لا يثير الشهية.
أما ملكة الحكم هذه، "فهي عموماً ملكة التفكير في الجزء على أنه محتوى في الكل"، وهي إدراج شيء أو فكرة أو حدث تحت صنف أو مبدأ أو قانون. لقد حاول كتاب "النقد" الأول أن يدرج جميع الأفكار تحت المقولات الكلية القبلية، وحاول الثاني إدراج جميع المفاهيم الأخلاقية تحت حس أخلاقي قبل كلي، أما الثالث فاضطلع بالعثور على مبادئ قبلية لأحكامنا الجمالية (الإستطيقية) -في النظام أو الجمال أو الجلال في طبيعة أو الفن، (٥٣) "إني أجرؤ على الأقل في أن تنهض صعوبة حل معضلة، في طبيعتها مثل هذا التعقيد، عذراً يبرر بعض الغموض الذي لا يمكن تجنبه في حلها" (٥٤).