إن الفلسفة "الدجماطيقية" قد حاولت من قبل أن تجد عنصراً موضوعياً في الجمال؛ أما كانت فيشعر أن هنا، على الأخص، يكون العنصر الذاتي هو الغالب. فليس هناك شيء جميل أو جليل إلا أن يجعله الوجدان كذلك. ونحن نصف بالجمال أي شيء يعطينا تأمله لذة منزهة-أي لذة مجردة من رغبة شخصية؛ فنحن نستمد إشباعاً جمالياً، وجمالياً فقط، من غروب الشمس، أو من لوحة لرفائيل، أو كتدرائية، أو زهرة، أو حفلة موسيقية، أو أغنية. ولكن لم تعطينا أشياء أو تجارب بعينها هذه اللذة المنزهة؟ لعل السبب أننا نرى فيها اتحاداً من الأجزاء يؤدي وظيفته بنجاح في كل متناسق. وفي حالة الجليل تلذنا العظمة أو القوة التي لا تهددنا بخطر؛ وهكذا نشعر بالجلاء في السماء أو البحر، إلا إذا هددنا اضطرابهما بالخطر.
ويزداد تقديرنا للجمال أو الجلال بقبولنا الغائية-أي بتبيننا في الكائنات الحية موائمة أصيلة بين الأجزاء وحاجات الكل، وبشعورنا بحكمة إلهية في الطبيعة وراء التناسق والانسجام، والعظمة والقوة. ولكن العلم يهدف إلى عكس هذا تماماً-وهو أن يثبت أن الطبيعة الموضوعية كلها تعمل بقوانين ميكانيكية، دون خضوع لأي قصد خارج عنها، فكيف السبيل إلى التوفيق بين هذين المدخلين إلى الطبيعة؟ بقبولنا الآلية والغائية جميعاً بقدر ما تساعداننا كمبدئين موجهين، كفرضين ييسران الفهم أو البحث. فالمبدأ الآلي يساعدنا على الأخص في البحث في المواد غير العضوية، أما المبدأ الغائي فهو خير عون لنا في دراسة الكائنات الحية. ففي هذه الكائنات قوى للنمو والتوالد تعيي التفسير الميكانيكي؛ فهناك توفيق واضح بين الأجزاء وأغراض العضو أو الكائن، كاستخدام المخالب للقبض والعيون للإبصار. ومن الحكمة الإقرار بأنه لا الآلية ولا الغائية يمكن إثبات صدقهما صدقاً كلياً. والعلم نفسه، بمعنى من المعاني، هو غائي، لأنه يفرض في الطبيعة ترتيباً، وانتظاماً، ووحدة معقولة، "كأن" عقلاً إلهياً نظمها ويبقى عليها (٥٥).
وقد اعترف كانت بالصعوبات الكثيرة التي تعترض النظر إلى الإنسان