إذا حولنا الآن نظرنا من الجانب الشرقي للنزاع الدائم بين الشرق والغرب، شعرنا من فورنا بالعطف على دولة عظيمة تنتابها محنتان في وقت واحد: تمزقها الانقسامات في الداخل، ويهاجمها الأعداء من جميع الجهات في الخارج. فقد كان الآفار والصقالبة يعبرون نهر الدانوب ويستولون على أراضي الإمبراطورية وبلدانها، وكان الفرس يستعدون لاجتياح آسية الغربية؛ وخسر القوط الغربيون أسبانيا، واستولى اللمبارد بعد ثلاث سنين من موت جستنيان على نصف إيطاليا (٥٦٨). وفشا الطاعون في جميع أنحاء الإمبراطورية في عام ٥٤٢ وعاد إليها مرة أخرى في عام ٥٦٦؛ وعمتها المجاعة في عام ٥٦٩؛ وعطلت الحروب، والهمجية، والفقر، وسائل الاتصال، ووقفت في سبيل التجارة، وقضت على الآداب والفنون.
وكان لفاء جستنيان أباطرة أولى قوة وكفاية، ولكن المشاكل التي واجهتهم لم يكن في وسع أحد أن يتغلب عليها إلا رجال من طراز نابليون يتلو بعضهم