فليب الرابع ملك فرنسا إدوارد الثاني بأن يقبض على فرسان المعبد الإنجليز، ولم يجد هذا الملك دليلاً يأخذهم به، كتب البابا كلمنت الخامس، بتحريض فليب بلا ريب، إلى إدوارد يقول:"ترامى إلينا أنك تحرم التعذيب لأنه مخالف لقانون بلدك، ولكن ما من قانون للدولة يمكن أن يسمو على القانون الكنسي، قانوننا. ولهذا آمرك أن تعذب هؤلاء الرجال"(٤٨). وخضع إدوارد لأمر البابا، ولكن التعذيب لم يلجأ إليه مرة أخرى في الإجراءات القانونية الإنجليزية إلا في عهد ميري "اللعينة"(١٥٥٣ - ١٥٥٨).
وأدخل النورمان إلى إنجلترا نظام الفرنجة القديم، نظام التحقيق القضائي أمام المحلفين، وهم طائفة من المواطنين المحليين، وذلك في شئون الأقاليم المالية والقانونية. وارتقت محكمة كلارندن (حوالي عام ١١٦٦) بنظام "المحلفين" بأن أجازت للمتقاضين ألا يقرروا صدقهم أو كذبهم عن طريق القتال، بل أمام لجنة محكمين مؤلفة من اثني عشر فارساً يختارهم من بين المواطنين في الإقليم أمام المحكمة نفسها أربعة من الفرسان يعينهم حاكم الإقليم. وكانت هذه هي الدورة القضائية الكبرى، أما في الدورة الصغرى التي كانت تعقد للنظر في القضايا العادية فكان حاكم الإقليم نفسه يختار اثني عشر من أحرار الإقليم المجاور للمحكمة. وكان الناس وقتئذ يعارضون في نظام المحلفين كما يعارضونه الآن، ولم يكن يدور بخلدهم قط أن هذا النظام سيصبح أساساً من أسس الديمقراطية. ولم ينته القرن الثالث عشر حتى كان حكم المحلفين قد حل في إنجلترا كلها تقريباً محل أنظمة التحقيق القديمة التي كانت تجري حسب الشريعة الهمجية.
[٥ - البلاد الإنجليزية]
كانت تسعة أعشار إنجلترا في عام ١٣٠٠ ريفاً، وكان بها مائة بلدة تعد في نظر المدائن التي خلفتها في هذه الأيام قرى صغيرة، وكان بها مدينة واحدة هي لندن