للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثامن

[الرجوع إلى الهجاء]

وكانت الفكاهة التي تخللت فصول هذه القصة توحي بأن الفرنسيين بدءوا يتخمون بالروايات الغرامية. ذلك أن أشهر قصائد العصور الوسطى - وهي القصيدة التي يعرفها من القراء أكثر ممن يعرفون المسلاة الإلهية - بدأت قصة غرامية وانتهت بأن كانت أقوى وأفحش قصيدة هجائية في التاريخ كله. وتفصيل ذلك أن جيوم ده لوريس Guillaume (١) ، وهو طالب صغير السن في أورليان، كتب حوالي عام ١٢٣٧ قصيدة رمزية كان يقصد بها أن تشمل جميع فنون الحب، وأن تكون بفضل صبغتها التجريدية نموذجاً لجميع الروايات الغرامية وخلاصة لهذه الروايات. ولسنا نعرف عن وليم اللواري هذا William of the Loire أكثر من أنه كتب الأبيات الأولى البالغ عددها ٤٢٢٦ من رواية الوردة roman de la rose. وهو يصور نفسه فيها يطوف في حلمه بحديقة حب فخمة تتفتح فيها كل زهرة معروفة وتشدو فيها جميع الطيور، وتجتمع فيها أزواج سعيدة تمثل كل ما في حياة الحب من متعة ونعيم - المرح والسرور، والأدب والجمال، ويرقص كل زوجين اثنين من هذه المتع تحت رياسة إله الحب. ذلك دين جديد يحتوي فكرة جديدة عن الجنة تحل فيها المرأة محل الله. وفي هذه الجنة يرى الحالم زهرة أبهى من كل ما يحيط بها من جمال، ولكنها تحرسها ألف شوكة. وهذه الوردة هي رمز المحبوب. وتتألف من شوق بطل الرواية إلى بلوغها وقطفها قصة جميع الحملات الغرامية التي تثيرها الشهوة المكبوتة التي تثير الخيال وتغذيه. وليس في القصة كلها إنسان سوى راويها نفسه، أمّا من بقى من الممثلين فيها فتجسيد


(١) جيوم هو وليم كما يكتبه الفرنسيون. (المترجم)