لنفسه أو لأسرته أو للبشرية. فلا مواهبه ولا عبقريته ولا معلوماته الواسعة ستفيده في أي شيء، لقد خابت جميعا بسبب ما اعترى تفكيره من تشويش. والحقيقة أنه لم يعد لديه طاقة عقلية من أي نوع ولا هو قادر على تنفيذ أي عمل يحتمه الواجب أو الالتزام المعنوي"
لقد كان هذا الرأي قاسيا متطرفا لكن وردزورث كان قد ذكر لكولردج الكثير في خطاب أرسله له منذ أسابيع قليلة سابقة. وتفاقم الأمر سوءا عندما أخبر بازيل مونتاجيو Basil Montagu كولردج أن وردزورث نصحه بألا يدعه (أي يدع كولردج) يقيم معه بسبب إدمانه الشديد الذي جعله مزعجا لا يطاق عندما كان يقيم في جراسمير إلا أن وردزورث بعد ذلك أكد لكولردج أن مونتاجيو أساء فهم كلماته، وتظاهر كولردج أنه اقتنع ولكن الخيوط بينهما كانت قد تقطعت واستحال وصلها وماتت الصداقة التاريخية.
١١ - كولردج فيلسوفا: ١٨٠٨ - ١٨١٧
ربما نكون قد بالغنا في انهيار كولردج، فلا بد أن نلاحظ أنه بين عامي ١٨٠٨ - ١٨١٥ ألقى محاضرات في بريستول وفي المعهد الملكي في لندن - ظهر فيها أنه يعاني تشوشاً في الفكر والتعبير لكنه أثر في مستمعين مثل تشارلز لامب Lamb ولورد بايرون وصمويل (صموئيل) روجرز، وتوماس مور، ولاي هنت Leigh Hunt، وكأنما دفعتهم وغيرهم من الكتّاب للتضامن مع زميلهم الذي أصابه ما أصابه. وقد وصف هنري كراب Crabb الذي يعتبر واحدا من أصدقائه البارزين إنجليزاً وألماناً، المحاضرة الثالثة التي ألقاها في لندن بأنها محاضرة ممتازة وألمانية جدا وذكر أنه بالنسبة إلى لمحاضرة الرابعة فقد كانت ذات صبغة ألمانية جدا وكانت طريقة التناول فيها تتسم بالتجريد الشديد بما لا يطيقه المستمعون الذين كان عددهم قليلا.
لقد كان تجميع كولردج للحقائق والأفكار والفروض المسبقة تجميعا مزدحما وهائلا حتى إنه لم يستطع السيطرة على موضوعه. لقد كان يطوف بعناصر موضوعه بجموح لكنه كان مُلهما. لقد لخّص تشارلز لامب، كولردج في عبارة مشهورة إنه كمَلاك - بفتح الميم واللام - من الطبقة العليا، لحقه بعض الدمار وانتهى إلى أنه يكفينا أن نكون في نطاق رياح عبقريته ونسماتها حتى لا نمتلك مشاعرنا أو بتعبير آخر