كتاب قصة الحضارة

الثورة الكبرى - ٨ - البرلمان الطويل - ج: 28 - ص: 311

في أن يحشد جيشاً، واتصل جون بيم سراً بالميثاقيين، وقرر أن مشكلتهم مماثلة لقضية البرلمان ضد الملك، وحرض البرلمان على منع المعونات المالية عن الملك، وعلى التحالف مع الإسكتلنديين. فحل شارل البرلمان القصير بتهمة الخيانة (٥ مايو ١٦٤٠). واندلعت الفتنة في لندن، وهاجم الرعاع قصر رئيس الأساقفة لود، فلما لم يجده قتلوا كاثوليكياً رفض الصلاة البروتستانتية (٦٨).

وسار شارل إلى الشمال بجيش جمع ارتجالاً، وتقدم الإسكتلنديون نحو الحدود وهزموا الإنجليز (٢٠ أغسطس ١٦٤٠) واستولوا على شمال إنجلترا. ووافق الملك البائس على دفع ٨٥٠ جنيه يومياً حتى يتم التوصل إلى معاهدة مرضية، ولكنه عجز عن الدفع، وبقي الجيش الإسكتلندي حول نيو كاسل، بوصفه حليفاً حاسماً للبرلمان الإنجليزي في حربه ضد الملك. فدعا شارل، وقد تولاه اليأس والذهول والحيرة، مجلساً من النبلاء للاجتماع به في يورك. فنصحوه بأن سلطانه بات على شفا الانهيار، وأنه لا بد له من تسوية مع أعدائه. وللمرة الأخيرة دعا الملك البرلمان، وهو أطول البرلمانات وأشدها حسماً وأكثرها شؤماً في تاريخ إنجلترا.

[٨ - البرلمان الطويل]

اجتمع البرلمان في وستمنستر في ٣ نوفمبر ١٦٤٠. وكان مجلس العموم يضم نحو ٥٠٠ عضو هم "زهرة الطبقة العليا والعامة المتعلمين .... مجلس أرستقراطي لا شعبي (٦٩) "، يمثلون ثروة إنجلترا أكثر مما يمثلون شعبها، ولكنهم يناضلون من أجل المستقبل ضد الماضي. وأعيدت أغلبية أعضاء البرلمان القصير، متحفزين للانتقام. وتبوأ سلدن وهامدن وبيم أماكنهم من جديد. وكان كرومول رجلاً مرموقاً، ولو أنه لم يرق إلى الزعامة بعد.

إنه ليتعذر، على بعد الشقة، أن نصور كرومول تصويراً موضوعياً. فان المؤرخين منذ ظهر حتى اليوم، يصفونه بأنه منافق طموح (٧٠)، أو قديس سياسي (٧١) .... إنه شخصية متناقضة، ربما جمع-وربما وفق في بعض