الأحيان- في خلقه بين الصفات التي أدت إلى اختلاف الناس في تقديرهم له. وهذا هو مفتاح سيرة كرومويل.
كان كرومويل من ملاك الأرض من غير ذوي الحسب والنسب، الذين لم يتمتعوا ببريق الوظائف الحكومية، ولو أنه أسهم عن غير طيب نفس الإنفاق عليها. ومع ذلك فانه كان له أسلافها. فكان والده روبرت كرومويل يملك ضيعة متواضعة في هنتنجدون تدر ٣٠٠ جنيه في العام. وكان جده الأكبر ريتشارد وليامز ابن أخي توماس كرومويل أحد قساوسة هنري الثامن، فغير اسمه إلى كرومويل، وحصل بوصفه كاهناً، أو من الملك، على شيء من الضياع والموارد المصادرة من الكنيسة الكاثوليكية (٧٢)، وكان أوليفير واحداً من بين عشرة أطفال، وهو الوحيد الذي عمر، على حين مات الباقون في سن الطفولة وكان معلمه في المدرسة الثانوية واعظاً متحمساً، كتب رسالة يثبت فيها أن البابا عدو المسيح، وأخرى يعدد فيها العقوبات الإلهية للخاطئين المعروفين بسوء السمعة. والتحق أوليفر (١٦١٦) بكلية سدني سسكس في كمبردج، وكان ناظرها صمويل وارد الذي مات في السجن (١٦٤٣) لاتخاذه موقفاً بيوريتانيا عنيداً ضد بدع لود و "إعلان الألعاب" الذي أصدره شارل. والظاهر أن أوليفر كمبردج قبل التخرج. وأخيراً في ١٦٣٨ اتهم نفسه بمقارفة شيء من طيش الشباب ونزقه:
تعلمون أية حياة كنت أعيشها. آه لقد عشت في ظلام محبب
إلى نفسي، وكرهت النور. كنت زعيماً، ولكن زعيم
الخاطئين الآثمين. إن هذا الحق: كان التقي بغيضاً إلى قلبي،
ولكن الله حباني رحمته، آه ببركات رحمته سبحانه، احمدوه
واشكروه وأثنوا عليه من أجلي- وتوجهوا إليه من أجلي
بالدعاء، لعل من أسدى هذا الصنيع الجليل أن يتمه يوم
المسيح، أو يوم الحساب (٧٣).
ومارس كرومويل كل ضروب الندم، وانتابه هذيان الموت وكل مظاهر القلق العقلي، مما بقي معه مكتئباً باستمرار، وتحدث بقية حياته بأسلوب الورع البيوريتاني.