وكان هذا يعني إبعاد ستين ألف أسرة يهودية عن مساكنها في القرى، ووصلت مئات الالتماسات لسان بطرسبرج يطلب مُقدِّموها تأجيل هذا الترحيل الجماعي وانضم كثير من المسيحيين إليهم يؤيدونهم في مطلبهم هذا وأشار الكونت كوشبي Kochubey إسكندر إلى أنَّ نابليون كان يخطط ليعقد في باريس في فبراير ١٨٠٧ اجتماعاً (سنهدريم) للرَّبيين (للحاخامات) من كل أنحاء غرب أوروبا لصياغة برنامج إجرائي لإعتاق اليهود ومنحهم حق الاقتراع. فأمر إسكندر بإيقاف برنامجه محل الجدل.
وربما أحْيت لقاءاته مع نابليون في تيلسيت Tilsit (١٨٠٧) وإيرفورت Erfurt (١٨٠٨) طموحه في إقناع الغرب West بأنه حاكم متنوِّر. وفي سنة ١٨٠٩ أخبر حكومته أن خطة إخلاء اليهود السابق ذكرها خطة غير عملية لأن اليهود لن يكون لديهم الوسائل التي تمكنهم من الاستقرار والحصول على مساكن في الأماكن المحيطة بالقرى التي سيُطردون منها، والحكومة بدورها غير قادرة على تدبير مساكن لهم جميعاً وعندما أصبح الغزو الفرنسي لروسيا وشيكاً أقنع نفسه بضرورة أن يحبه اليهود وأن يكونوا مُوالين للدولة.
٦ - الفن الرّوسي
وصف الأمير دي لِنْي de Ligne الذي عرف كل شخص ذي شأن وكل شيء ذي بال في أوروبا في هذا العصر - سان بطرسبرج في نحو سنة ١٧٨٧ بأنها أجمل مدينة في العالم وفي سنة ١٨١٢ وصفتها مدام دي ستيل بأنها من أجمل مدن العالم فقد كان بطرس الأول قد بدأ في تزيين عاصمته الوليدة بعد أن تملَّكته الغيرة من جمال باريس.
وكانت كاترين تُرضى عشَّاقها الذين تخلَّت عنهم بقصور أكثر بقاء من حبها، وواصل إسكندر الأول رعايته الملكية للأعمدة الكلاسيكيّة التي تواجه - بصرامة - نيفا Neva. لقد كانت أوروبا تشهد موجة الكلاسيكيّة الجديدة في هذه الفترة، وقد نسي القيصر والقيصرة الأشكال (الأنماط الفنية) الروسية واستدعوا الأنماط الرومانية، فأرسلا إلى إيطاليا وفرنسا لدعوة المعماريين والنحَّاتين للقدوم إلى روسيا لتخليد الكبرياء السلافية Slavic بالفن الكلاسيكي.