للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل الرابع

[المدارس]

وكان الذي يقوم بنقل الحضارة من جيل إلى جيل الأسرة، والكنيسة، والمدرسة. وكان يعني عناية خاصة بالتربية الخلقية في العصور الوسطى، على حساب الثقافة العقلية، كما يعني اليوم بالتربية العقلية، على حساب التأديب الخلقي. ولم يكن في غير المألوف في إنجلترا بين الطبقات الوسطى والعليا أن يصل الولد في سن السابعة أو نحوها ليربى وقتاً ما في بيت غير بيته؛ وكان الغرض المقصود من هذا تمكين الروابط بين الأسرة من جهة، وإبعاد الولد عن اللين المنبعث من حنان الأبوين من جهة أخرى (٢٦). كان نظام المدارس الفخم الذي أنشأته الإمبراطورية الرومانية قد انهار من خلال الفوضى الناشئة من الغارات ومن نقص سكان المدن؛ ولما أن هدأت موجة الهجرة في القرن السادس بقيت قلة من المدارس العلمانية في إيطاليا؛ وكان معظم الباقي مدارس لتعليم المعتنقين الجدد الدين المسيحي وقساوسة المستقبل. وظلت الكنيسة فترة من الزمن (٥٠٠ - ٨٠٠) تخص بعنايتها التدريب الاخلاقي، ولم تكن ترى ان النقل العلوم الدنيوية من واجباتها؛ ولكن الكتدرائيات، والأديرة، وكنائس الأبرشيات وأديرة النساء، قد حفزها شارلمان إلى فتح أبوابها لتعليم البنين والبنات تعليماً عاماً.

وحملت مدارس الأديرة وحدها في أول الأمر هذا العبء كله تقريباً. وكانت المدارس نوعين مدرية داخلية تهئ التعليم للمستجدين ومن ينذرهم آباؤهم للرهبنة أو الكنيسة، ومدرسة خارجية تعلم الأولاد من غير أجر على