الإله، وكان ذلك إِرهاصاً بتغيير في هذه الناحية أوسع مدى جاء بعد عهد كوبرنيق. وان في إشارات روجر بيكن المتكررة لابن رشد، وابن سينا، والفارابي لدليلاً على ما كان لهؤلاء العلماء من تأثير وحافز جديد. وفي ذلك يقول روجر بيكن نفسه:"لقد جاءت إلينا الفلسفة من العرب"(٢٥)، وسنرى إن الذي دعا تومس أكوناس لتأليف كتابه الجامع في اللاهوت هو ان يحول دون تسرب التفاسير العربية لأرسطو إلى علوم الدين المسيحية. وهكذا رد الإسلام إلى أوربا ما أخذه عن اليونان بطريق بلاد الشام؛ وكما أن هذه العلوم كانت بداية ذلك العصر العظيم عصر العلوم والفلسفة العربية، كذلك أثارت هذه التراجم عقل أوربا وحفزته إلى البحث والتفكير، وأرغمته على أن يشيد ذلك الصرح العقلي الخطير صرح الفلسفة المدرسية، وان ينقض ذلك الصرح الفخم حجراً بعد حجر، فينهار بذلك نظام العصور الوسطى الفلسفي في القرن الرابع عشر، وتبدأ الفلسفة الحديثة في غمرة التحمس العظيم أثناء عصر النهضة.