على الرغم مما تدل عليه آثار السند وميسور من اتصال في تسلسل التاريخ، فإنا نشعر بأن بين ازدهار "موهنجو - دارو" وبين دخول الآريين، فجوة في علمنا، أو ربما كان الأقرب إلى الصواب هو أن علمنا بالماضي فجوة شاءتها المصادفة في جهلنا، وتشتمل آثار السند على خاتم عجيب يتألف من رأسين من رؤوس الثعابين، وهو الرمز المميز لأقدم سكان الهند ممن عرف التاريخ - هؤلاء هم "الناجا" الذين كانوا يعبدون الثعبان، والذين وجدهم الآريون الغزاة قابضين على المناطق الشمالية، والذين لا تزال سلالتهم متلكئة على قيد الحياة في التلال البعيدة (٢٠)، فإذا توغلت ناحية الجنوب، وجدت الأرض التي كان يسكنها عندئذ قوم سود البشرة فطس الأنوف، ويسمون "بالدرافيديين"- ولا نعلم أصل الكلمة - وقد كانوا على شيء من المدنية حين هبط عليهم الآريون، وبحارتهم المغامرون شقوا البحار حتى بلغوا سومر وبابل، وعرفت مدائنهم كثيراً من رقة العيش وأسباب الترف (٢١)، فيجوز أن الآريين قد استمدوا من هؤلاء الناس نظام الجماعة القروية وملكية الأرض والضرائب (٢٢) ولا يزال "الدكن" إلى يومنا هذا مسكناً رئيسيأ للدرافيديين ومركزاً لعاداتهم ولغتهم وأدبهم وفنونهم.
ولم تكن غزوة الآريين لهذه القبائل المزدهرة، وانتصارهم عليها، إلا حلقة