للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصورين أن يزينوا الجدران بصور نثبت عقيدة الناس أو ترهبهم؛ ووضع عمال الفسيفساء مكعباتهم المتخذة من الحجر أو الزجاج الملون البراق فوق أرضية زرقاء أو ذهبية، وزينت الأرض والجدران، أو مذابح الكنائس، أو ما بين العقود، أو أي جزء من البناء لا تطيق عين الشرقي أن تراه خالياً من الزخرف. وكان الصناع يزينون الملابس، والمذابح، والعمد، والجدران بالجواهر والأحجار الكريمة؛ وصناع المعادن يضعون فيها صفائح الذهب والفضة؛ وصناع الخشب ينقشون المنابر وأسوار المحاريب، والنساجون يعلقون الأنسجة المزخرفة على الجدران ويفرشون الأرض بالطنافس، ويغطون المذابح والمنابر بالأقمشة المطرزة وبالحرير. ولم يذكر التاريخ قبل ذلك العهد فناً أوتي ما أوتيه الفن البيزنطي من وفرة الألوان، ودقة الرموز، وغزاة الزينة؛ وقدرة على تهدئة الذهن وتنبيه الروح.

[٣ - أيا صوفيا]

ولم تكن العناصر اليونانية والرومانية، والشرقية، والمسيحية قد أتمت امتزاجها ليكون منها الفن البيزنطي قبل عهد جستنيان. فلقد أتاحت له فتنة نيقا Nika، كما أتاح حريق روما لنيرون من قبل، فرصة بناء عاصمته من جديد. ذلك أن الغوغاء في لحظة من لحظات نشوة الحرية أحرقوا دار مجلس الشيوخ، وحمامات زيوكسبوس Zeuxippus وأروقة الأوغسطيوم، وجناحا من أجنحة القصر الإمبراطوري، وأياصوفيا كنيسة البطريق الكبرى، وكان في وسع جستنيان أن يعي بناء هذه كلها حسب تخطيطها القديم فلا يتطلب هذا منه أكثر من عام أو عامين. لكنه لم يفعل هذا وصمم على أن في بنائها مزيداً من الوقت والمال وأن يستخدم في هذا البناء عدداً كبيراً من الرجال، وأن يجعل عاصمة ملكه أجمل من روما، وأن يقيم فيها كنيسة لا يدانيها صرح آخر