أباها بعاطفة جياشة وكانت سعادتها قد قلّت بسبب هواجس اعترتها بأن هذا العام مليء بالنحس. وسرعان ما أتى ملك بروسيا وولي عهدها وربما لم يكونا سعيدين وسط هذا الجو من التوافق والود بين أعداء وطنهم التاريخيين، وعلى أية حال فقد كان القيصر إسكندر قد تلقّى تأكيدات سرية بأن بروسيا والنمسا تتمنيان هزيمة نابليون. وقام الملك فريدريك أوغسطس كمضيف بتخفيف أمور السياسة بالأوبرا والدراما والصيد والألعاب النارية والرقص والاستقبالات التي كان حكام ألمانيا يقدمون فيها لنابليون فروض الولاء والطاعة (البيعة homage) وكان هذا مبهجاً له - رغم تواضعه - وبلغ ابتهاجه الذروة.
وفي ٢٨ مايو انطلق نابليون لينضم إلى أحد جيوشه في ثورن Thorn على الفيستولا Vistula، وكانت الأوامر قد صدرت لجنرالاته للقائه عند شاطئ نهر نيمن Niemen الذي يفصل دوقية وارسو (فرسافا) الكبيرة عن روسيا. وركب هو نفسه في عربة مزوّدة بمصباح ومنضدة وأدوات كتابة وخرائط وكتب. وكانت هذه الأدوات تُنقل كل يوم في أثناء المسيرة إلى خيمته حيث كان يكتب الأوامر ويطلب من سكرتيريه نقلها لجنرالاته، وكانت هذه الأوامر تتعلق بالعمليات في صباح اليوم التالي. وقد صحبه سكرتيره العجوز مينيفال Meneval وسكرتيره الجديد نسبياً فرانسوا فا Fain وخادمه الخصوصي كونستانت Constant طوال الطريق إلى موسكو وطوال رحلة العودة.
ووصل نابليون إلى شاطئ نهر نيمن في ٢٣ يوليو فاستطلع الأحوال ولم يجد أثراً لوجود العدو على الضفة الأخرى من النهر، فأقيمت ثلاثة جسور عائمة بسرعة، وفي ٢٤ - ٢٦ يونيو عبر ٢٠٠،٠٠٠ من جنوده إلى مدينة كوفنو Kovno (الآن كاوناس Kaunas) وفي الوقت نفسه تقريباً عبر جيش فرنسي آخر مكوّن من نحو ٢٠٠،٠٠٠ مقاتل النهر نفسه في أدنى المجرى عند تيلسيت، الآن سوفيتسيك Sovetsk، حيث التقى نابليون وإسكندر منذ خمس سنوات خلت وأقسما على أن يظلاَّ صديقين حتى الممات.
لقد كان إسكندر الآن في فيلنا Vilna إلى الجنوب الشرقي من كوفنو بسبعة وخمسين ميلاً. وكانت هناك عدة جيوش في انتظار أوامره: في الشمال ١٥٠،٠٠٠ مقاتل بقيادة الأمير ميخائيل بارسلي دي توللي Mikhail Barclay de Tolly (من أصول