وكان بعض الناس أشبه "بجدران صور متحركة". من ذلك أن أحد أعضاء مجلس الشيوخ قد صورت على ثوبه قصة المسيح من أولها إلى آخرها (٩). وكان تحت هذه الطبقة ذات الغشاء الذهبي طبقة وسطى ترزح تحت أعباء الضرائب، وطبقة أخرى كادحة من موظفي الدولة، وخليط من الرهبان الذين لا ينقطعون عن التدخل في شؤون الناس، وأمشاج من صعاليك المدن كانوا ضحية نظام الأثمان، لا يخفف عنهم أعباء الحياة إلا ما يتلقونه من الدولة من إعانات.
ولم تكن المبادئ الخلقية من الناحيتين التجارية والجنسية تختلف اختلافاً بيناً عن أمثالها في الثقافات الأخرى في نفس هذه المرحلة من التطور الاقتصادي. لقد كان كريستوم يندد بالرقص ويقول إنه يثير الشهوات، ولكن القسطنطينية لم تنقطع عن الرقص رغم تنديد كريستوم، وظلت الكنيسة ترفض تعميد الممثلين، ولكن المسرح البيزنطي ظل يعرض تمثيلياته الصامتة الإيحائية، لأن الناس يجب أن يجدوا ما يخفف عنهم متاعب وحدة الزواج وملل الحياة الرتيبة. ويقول بروكبيوس في كتابه التاريخ السري، وهو الذي لا يوثق به قط، إن النساء في وقته "كن جميعهن تقريباً فاسدات"(١٠). وكانت وسائل منع الحمل من الموضوعات التي لا ينفك الناس عن دراستها والبحث فيها. وقد أفرد لها أريباسيوس Oribasius أشهر أطباء القرن الرابع فصلاً خاصاً في كتابه الموجز في الطب. وأوصى كاتب آخر في الطب يدعى إيتيوس Aetius من رجال القرن السادس باستخدام الخل وماء البحر، أو الامتناع عن الجماع في بداية فترة الحيض ونهايتها (١١). وحاول جستنيان وحاولت ثيودورا أن يقللا من الدعارة بنفي القيودات وأصحاب المواخير من القسطنطينية. ولكن نتيجة العمل لم تدم طويلاً. وكانت منزلة المرأة بوجه عام عالية، ولم تكن النساء في أي عصر من العصور السابقة أقل تقيداً بالقوانين والعادات أو أعظم نفوذاً في الحكومة منهن في ذلك العصر.