للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن هذه العادات مهما بلغت من غرابة نفزع لها فزعاً لا تختلف في جوهرها عن عادات الغرب ونظمه الاجتماعية، اللهم إلا في الصراحة والتهذيب ولطف الأداء؛ وإنه ليقال لنا على سبيل التأكيد أن الأغلبية الكبرى من فتيات اليابان، لم تزل عفيفة كعذراوات الغرب سواء بسواء (٨٨)؛ فعلى الرغم من هذه النظم الصريحة، ترى اليابانيين يحيون حياة لا بأس بها من حيث النظام والاحتشام؛ وعلى الرغم من أنهم كثيراً ما كانوا يأبون الجري مع دوافع الحب في عقد الزواج الدائم مدى الحياة، فقد كان في وسعهم أن يظهروا أرق العواطف نحو ما يميلون إليه من أشياء، فما أكثر الأمثلة التي نصادفها في حوادث التاريخ، وفي الوقائع الخيالية التي وردت في الأدب الياباني، التي تدل على أن الشبان والشابات قد قتلوا أنفسهم آملين أن يتمتعوا في الآخرة الأبدية بالاتصال الذي حرّمه عليهم آباؤهم على هذه الأرض (٨٩)؛ وليس الحب هو الموضوع الرئيسي في الشعر الياباني؛ لكنك مع ذلك تسمع نغماته هنا وهناك بسيطة مخلصة عميقة على نحو لا يضارعها فيه أدب آخر:

آه، تحولت الأمواج البيض على مدى البصر،

مما أراه طافياً على بحر "أيسي"

زهراتٍ

أجمعها طاقةً

أقدمها هدية لحبيبّتي

ثم اسمع "تسورايوكي" العظيم يحكي قصة حبه المرفوض في أربعة أسطر، مزج فيها الطبيعة بشعوره مزجاً يميز الأدب الياباني:

أتقول ألا شيء وشيك الزوال

مثل زهرة الكريز؟ .... لكني أذكر لحظة

ذبلت فيها زهرة الحياة بكلمة واحدة

ولم تعد تتحرك من الريح هَبّةٌ (٩١).