وأصبح المجتمع البرجندي في بروجس وجنت وليج ولوفان وبروكسل وديجون (١٤٢٠ - ١٤٦٠) إذ ذاك أكثر المجتمعات في أوربا صقلاً واجتذاباً للقلوب، لا نستثني من ذلك فلورنسا المعاصرة التي كان يحكمها كوزيمو دي مدتشي. فقد احتفظ أمراء الدوقيات بجميع مظاهر الفروسية، وفيليب الطيب هو الذي أنشأ نظام خبرة الصوف الذهبية (١٤٢٩)، ويعود بعض الفضل إلى البرجنديين أحلاف إنجلترا، في اتخاذها أبهة الفروسية وبريقها وهذه الفروسية هي التي صقلت السطح الخشن للطباع الإنجليزية، وأسبغت المجد على وقائع هنري الخامس، وبرزت في صفحات فرواسارات ومالوري. ولما تجرد النبلاء البرجنديون من السلطان المستقل، عاشوا في الحاشة أفراداً وأظهروا جميع إمارات الشرف وأبرزوا في الرداء والحلي كل ما يزين التطفل والفجور. وأخذ التجار والصناع يحاكون حاشية الملك في الزي وكانوا يطعمون ويلبسون زوجاتهم كأنما يهيئون المشهد لروينز. وغدا الاكتفاء بالزوجة الواحدة في ظل دوق محب مثله خيانة كبرى للملك. أو الحكومة. ولقد أنجب جون الهينزبر جي المرح أسقف لييج، اثني عشر ابن سفاح .. وكان لجون البرجندي أسقف كامبراي، ستة وثلاثون ابنا وحفيداً خارج نطاق الزواج؛ وهكذا ولد كثير من علية القوم في ذلك العصر، الشيء الذ١ي كان يعمل على تحسين النسل. وكان من اليسير أن توجد البغايا في كل وقت وبأي ثمن في الحمامات العامة. وزعمن في لوفان أنهن صاحبات مساكن، يؤجرنها للطلبة، وكانت الحفلات كثيراً ما تتسم بالبذخ، واستخدم فنانون مشهورون في تصميم المناظر وإعداد الأنوار، وكان الناس يعبرون الحدود والبحار ليشاهدوا المناظر الفخمة تمثل فيها النساء العاريات أدوار الربات والجنيات القديمات.