عن أكل اللحم أيام الجمع، وأيام الأربعاء والجمع في الصوم الكبير، ضبطاً نافعاً للشهوة-كما كان نعمة على الصحة وعلى صيادي السمك. أما القساوسة، الواعون لمفاتن النساء، فلم يغالوا في إدانة خطايا الجسد، وأغضوا عن مظاهر التحلل في الكرنفالات. لا بل أن البغايا كن في السبوت يوقدن شمعة أمام العذراء، ويودعن نقوداً لترتيل القداس. وقد أدهش دبروس وهو يشاهد تمثيلية في فيرونا أن يرى التمثيل يتوقف حين دقت أجراس الكنائس معلنة موعد الصلاة (الأنجيلوس)، وركع كل الممثلين وصلوا، وقامت ممثلة كانت تتصنع الإغماء في المسرحية لتشارك في الصلاة ثم عادت إلى إغمائها (٢١). حقاً ندر أن أحب الناس ديناً من الأديان حباً جماً كما أحب الإيطاليون الكثلكة في إيطاليا. على أنه كان للصورة وجه آخر-هو الرقابة على المطبوعات وديوان التفتيش. وقد طالبت الكنيسة كل إيطالي أو إيطالية أن يؤدي مرة في السنة على الأقل "واجب عيد القيامة"-أي يذهب للاعتراف على الكاهن في سبت النور، ويتناول القربان في صباح القيامة. فإذا قصر في هذا الواجب-في كل أرجاء إيطاليا باستثناء أكبر المدن-استوجب التوبيخ من الكاهن، فإذا لم يجد مع العاصي التوبيخ والنصح سراً عوقب بنشر اسمه على أبواب كنيسة الأبرشية، فإذا تمادى في الرفض كان جزاؤه الحرم، بل السجن في بعض المدن (٢٢). على أن ديوان التفتيش كان قد فقد الكثير من قوته وشرته. وكان في الإمكان تفادي الرقابة الكنسية في المراكز الكبرى، فخفت الرقابة على المطبوعات، وكان هناك انتشار صامت للشك الهرطقة في أوساط المثقفين لا بل بين رجال الأكليروس أنفسهم-لأن بعضهم كانوا جانسنيين في دخيلة أنفسهم برغم أوامر البابا.
وإذا كان الكثير من القساوسة والرهبان قد عاشوا حياة الراحة والدعة، ولم يكونوا غرباء على الإثم، فقد كان هناك أيضاً الكثيرون ممن وفوا ينذروهم، واحتفظوا بالإيمان حياً بالإخلاص لواجباتهم. وقامت المؤسسات الدينية الجديدة شاهداً على بقاء نبض الحياة في الرهبنة. من ذلك أن القديس