كان جوته كثير الكلام عن القدر، قليلة جداً عن المصادفة. ولعله لو سئل لأجاب أن القدر- لا المصادفة- هو الذي جاء به إلى الدوق، وأنه هو الذي صرفه عن حسن للي شوثيمان إلى مخاطر فايمار وفرصها المجهولة. أما للي هذه فكانت ابنة تاجر غني في فرانكفورت. وقد دعى جوته إلى حفل استقبال في بيتها بعد أن أصبح الآن سبعاً من سباع المجتمع الراقي. وعزفت للي على البيانو عزفاً رائعاً، واتكأ جوته على ركن منه وراح يحدق على مهل في مفاتنها ذات الستة عشر ربيعاً وهي تعزف. "كنت أحس أنني أشعر بقوة جذابة غاية في الرقة … ثم ألفنا أن نلتقي … وأصبحنا الآن ولا غنى للواحد عن صاحبه … وملكني شوق لا سبيل إلى مقاومته (٦١). فما أسرع ما ترتفع هذه الحمى الشهيرة، التي فجرتها حساسية شاعر. قبل أن يدرك معنى ما فعل، كان قد خطبها رسمياً (أبريل ١٧٧٥). أما للي التي ظنت أنها اقتنصته وأمنته، فراحت تعابث غيره. وشهد جوته ذلك فغلت مراجل غيظه.
في هذه الفترة بالضبط مر صديقان هما الكونت كرستيان والكونت فريدريش تسو شتولبرج بفرانكفورت في طريقهما إلى سويسرة. واقترحا على جوته أن ينضم إليهما. وحثه أبوه على الذهاب ومواصلة الرحلة إلى إيطاليا. "وانفصلت عن للي بعد أن أفضت إليه ببعض السر ولكن دون أن استأذن قبل الرحيل" (٦٢).
وقد بدأ الرحلة في مايو ١٧٧٥، والتقى بالدوق ثانية في كارلسروهي، فدعاه بصفة نهائية إلى فايمار. ومضى إلى زيورخ، حيث التقى بلافاتير وبودمير. وتسلق سانت جوتهارد وتطلع باشتياق إلى إيطاليا، ثم تسلطت على خياله من جديد صورة للي، فترك أصحابه ويمم شطر وطنه، وفي سبتمبر كانت للي بين زراعيه. ولكن ما أن خلا إلى نفسه في حجرة حتى عاوده خوفه القديم من الزواج سجناً وركوداً. وأنكرت للي تردده، فاتفقا على فسخ خطبتهما، وفي ١٧٧٦ تزوجت برنهارد فون توركهايم.
أما الدوق الذي ألم بفرانكفورت في طريق عودته من كارلسروهي