وكانت السيدة ثريل قد بدأت قبل موت زوجها بأمد طويل تضيق بالضغوط التي تفرضها عليها حاجة جونسن للرعاية والآذان الصاغية. وكان ثريل قد أفلح في جعل دبه الأسير يسلك سلوكاً مهذباً إلى حد معقول، ولكن (وهذه شكوى الأرملة)"إذا لم يوجد من يردعه (أي جونسن) عن التمادي في إبداء مكارهه أصبح عسيراً جداً أن تجد إنساناً يستطيع التحدث إليه دون العيش دائماً على شفا الشجار … وقد وقعت أمثال هذه الحوادث مراراً وتكراراً، فاضطررت … إلى الاعتكاف في بات، حيث كنت أعلم أن المستر جونسن لن يتبعني"(١٥٢).
وزادت صحيفة المورننج بوست الطين بلة بإعلانها أن معاهدة زواج بين جونسن والمسز ثريل "جاهزة"(١٥٣). وكتب بروزويل نشيداً هزلياً (برلسك) عنوانه "نشيد بقلم جونسن إلى مسز ثريل بمناسبة زفافهما القريب المزعوم"(١٥٤). ولكن في ١٧٨٢ كان جونسن في الثالثة والسبعين والمسز ثريل في الحادية والأربعين. ولم تكن قد تزوجت ثريل بإرادتها هي، وكثيراً ما كان يهملها، ولم تتعلم قط أنها تحبه. ومن ثم فقد طالبت الآن بحقها في أن تحب وأن تحب، وفي أن تجد زوجاً في نصف عمرها الأخير، وكانت في تلك السن التي يشتد فيه الشوق المرأة لنوع من الصحبة البدنية المتفهمة. وكانت حتى قبل موت زوجها قد تعلقت بجابرييل بيوتزي الذي كان يعطي بنتها دروساً في الموسيقى. وكان وهو الإيطالي مولداً قد اتخذ إنجلترا له مقاماً في ١٧٧٦، وناهز الآن الثانية والأربعين. ويوم لقيته أول مرة في حفلة أقامها الدكتور بيرني، راحت نقلد لأزماته تقليداً ساخراً وهو يعزف على البيان. بيد أن سلوكه الأنيق، وطبعه اللطيف، ومهارته الموسيقية، جعلت منه نقيضاً مريحاً للدكتور جونسن. وأرخت الآن العنان لغرامها بعد أن تحررت. واعترفت لبناتها الأربع الباقيات على قيد الحياة برغبتها في الزواج. فهالهن النبأ، ذلك أن هذا الزواج الثاني سيؤثر في مستقبلهن المالي، والزواج من موسيقي-وأسوأ من ذلك كاثوليكي روماني-سينال من مكانتهن في المجتمع. لذلك توسلن إلى أمهن أن تتروى في الأمر، فحاولت ولكنها فشلت. وسلك بيوتزي مسلك الرجل المهذب، فرحل إلى إيطاليا