بطرس الأكبر، زوجت كاترين ابنتها آنا بتروفنا لكارل فريدرش، دوق هولشتين-جوتورب، وذهب العروسان ليعيشا في كيل، حيث ولدت آنا الغلام الذي صار فيما بعد بطرس الثالث. أما كاترين نفسها، فقد ماتت في ٦ مايو ١٧٢٧ شهيدة لذاتها، بعد أن عينت خلفاً لها الصبي بيوتر الكسيفيتش الذي اغتصب عرشه من قبل.
ولم يكن بطرس الثاني هذا يتجاوز الثانية عشرة، فظل منشيكوف يواصل الحكم، واستغل سلطاته في الإثراء تحسباً للمستقبل. فهب لفيف من النبلاء بزعامة الأخوين إيفان وفاسيلي لوكيتش دولجوروكي فأطاحوا بمنشيكوف ونفوه إلى سيبيريا حيث مات في ١٧٢٩. ولم يمض عام حتى لقى بطرس الثاني حتفه بالجدري، وانتهى بموته صلب الذكور في أسرة رومانوف. هذا الحادث المؤسف هو الذي أتاح لروسيا أن تحكمها على مدى ستة وستين عاماً ثلاث نساء ضارعن، أو فقن، أكثر معاصريهن من الملوك كفاءة تنفيذية وآثاراً سياسية، وسبقنهم جميعاً-باستثناء لويس الخامس عشر-في مضمار العربدة الجنسية.
أما أولى هؤلاء القيصرات فهي آنا إيفانوفنا، ابنة إيفان الكسيفيتش البالغة خمسة وثلاثين عاماً، وأبوها كان الأخ الأبله لبطرس الأكبر. وقد اختارها المجلس الأعلى لأنها اكتسبت سمعة واقية بالوداعة والطاعة. ووضع المجلس الذي كان يهيمن عليه آل دولجوروكي وجولتسين "شروطاً" بعثوا بها إلى آنا وهي في كورلاند، لا بد من قبولها لتثبيتها على العرش. فوقعت على الشروط (٢٨ يناير ١٧٣٠). ولكن لا الجيش ولا الاكليروس أرادوا إحلال الاولجركية محل الأوتقراطية. لذلك انطلق وفد من حرس القصر للقاء آنا، والتمس منها أن تتقلد زمام السلطة المطلقة. فاستوحث الشجاعة من أسلحتهم، ومزقت "الشروط" على مرأى من الحاشية.
وكانت آنا عديمة الثقة بالنبلاء الروس، فاستقدمت من كورلاند الألمان الذين كانوا يمتعونها هناك. فأصبح إرنست فون بورن، أو بيرون