عشيقها السابق رئيساً للحكومة، ورد أوسترمان لرياسة الشئون الخارجية، وأعاد الكونت خريستوف فون مونيش تنظيم الجيش، وساعد لوفنفولدي وكورف، وكيزرلنج، على تطعيم نظام الحكم الجديد ببعض الكفاية الألمانية. فجمعت الضرائب بصرامة يقظة، ووسع التعليم وأدخلت عليه التحسينات، وهيئ للدولة جهاز مدرب من الموظفين المدنيين. وبمثل هذه الفاعلية سجنت الحكومة أو نفت أو أعدمت الدولجوروكيين والجولتسينيين.
وعاشت آنا عيشة منتظمة نسبياً، بعد أن قنعت بعشيقين (بيرون ولوفنفولدي)، فكانت تستيقظ في الثامنة، وتخص ثلاث ساعات لشئون الحكم، وتبتسم ابتسامة الرضى، إذ يبسط رجالها الألمان سلطان روسيا. فغزا جيش يقوده مونيش بولنده، وخلع ملكها ستانسلاس لسكزنسكي-الخاضع لتوجيه الفرنسيين-وأجلس على عرشه أوغسطس الثالث السكسوني، واتخذ أول خطوة على طريق ربط بولنده بالروسيا. وردت فرنسا بأن حرضت تركيا على أن تهاجم روسيا، ولكن السلطان تردد لانشغاله على جبهته الفارسية، فرأت روسيا الفرصة مواتية لإعلان الحرب على تركيا، وهكذا بدأت (١٧٣٥) ستون سنة من صراع السيادة على البحر الأسود. وشرح دبلوماسيو آنا الموقف فقالوا إن الأتراك، أو من يلوذ بهم في جنوبي روسيا، في يدهم مخارج الأنهار الخمسة الكبرى-دنيستر، وبوج، ودنيير، ودون، وكوبان-التي كانت أهم مسالك التجارة الروسية المتجهة جنوباً، وأن القبائل الإسلامية نصف الهمجية التي سكنت الأحواض الدنيا لهذه الأنهار هي خطر دائم يتهدد مسيحيي روسيا، وأن الشواطئ الشمالية للبحر الأسود جزء طبيعي وضروري من روسيا، وأن شعباً عظيماً نامياً كالشعب الروسي يجب ألا يحال بعد اليوم بينه وبين الوصول إلى البحر الأسود والبحر المتوسط دون معوق، وقد ظلت هذه الحجج الأنشودة المتكررة التي ظلت تتغنى بها روسيا طوال ما بقي من القرن وما بعده.
أما أول الأهداف فكان القرم، شبه الجزيرة الذي يقوم معقلاً تركياً