للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الجبهة الشمالية للبحر الأسود. وكان الاستيلاء على شبه الجزيرة تلك هو الغاية التي استهدفتها حملة مونيش عام ١٧٣٦. وكان أعدى أعدائه في هذه الحملة المسافات المترامية والمرض … ذلك أنه كان عليه أن يعبر ٣٣٠ ميلاً من القفار والبراري التي لا تستطيع لبلدة واحدة من بلادها أن تقدم الطعام أو الدواء لجيش عدته ٥٧. ٠٠٠ مقاتل، وكان لزاماً أن ترافقهم ثمانون ألف عربة في طابور طويل معرض في أي نقطة أو لحظة لهجوم قبائل التتار عليه. واستطاع مونيش بفضل قيادته الماهرة أن يستولي في تسعة وعشرين يوماً على بريكوب، وكوسلوف، وبخشيسراي (عاصمة القرم)، ولكن في ذلك الشهر تفشت الدوسنطاريا وغيرها من الأمراض في جيشه فأحدثت من الشقاء والتمرد بين رجاله ما أكرهه على التخلي عن فتوحه والتقهقر إلى أوكرانيا، واستولى أثناء ذلك قائد آخر من قواد آنا على آزوف المشرفة على مصب نهر دون.

وكر مونيش على الجنوب في أبريل ١٧٣٧ بسبعين ألف مقاتل، واستولى على أوخاكوف، قرب مصب نهر بوج. وفي يونيو انضمت إليه النمسا في مهاجمة الترك، ولكن حملتها باءت بفشل ذريع ألجأها إلى إبرام صلح منفرد، أما روسيا التي تركت فجأة لتواجه الجيش التركي برمته، والتي كانت تتوقع حرباً مع السويد، فقد وقعت (١٨ سبتمبر ١٧٣٩) صلحاً رد إلى الأتراك تقريباً كل ما كسبه الروس في حملات ثلاث. واحتفل بالمعاهدة في سانت بطرسبرج على أنها انتصار باهر لم يكلف أكثر من مائة ألف قتيل.

وعاش آنا بعد سنة الحرب، وقبيل موتها عينت وريثاً للعرش، إيفان السادس، الغلام الذي لم يتجاوز عمره ثمانية أسابيع: وهو ابن بنت أختها آنا ليوبيو لدوفنا الألمانية المولد وأنطون أولريش أمير برنزويك. وأوصت أن يكون بيرون وصياً على إيفان حتى يبلغ السابعة عشرة. ولكن مونيش وأوسترمان كانا الآن قد نالهما من بيرون ما يكفي، فانضما إلى أولريش وليوبولدوفنا ونفوه إلى سيبيريا (٩ نوفمبر ١٧٤٠). وأصبحت