يتراجع عن رفضه. وسجن ثلاثة في البرج وشد وثاقهم وهم منتصبون بسلاسل من حديد حول أعناقهم وأقدامهم، وأكرهوا على الوقوف في هذا الوضع سبعة عشر يوماً، وقدم إليهم الطعام، ولكن لم يفك وثاقهم لقضاء أي حاجة طبيعية. أما باقي الرهبان الكارتوزيين، وكانوا لا يزالون يبدون عناداً ومشاكسة فقد تشتتوا في أديا أخرى ما عدا عشرة منهم، سجنوا في نيوجيت ومات تسعة من هؤلاء من "حمى السجن وقذره (١٩) ".
وكان هنري وقتذاك هو الحكم الوحيد فيما يتعين على الشعب الإنجليزي أن يؤمن به في مجالي الدين والسياسة. ولما كان لاهوته لا يزال كاثوليكياً من كل وجه فيما عدا السلطة البابوية فقد اتخذ مبدأ مطاردة النقاد البروتستانت للمذهب الكاثوليكي بغير تحيز، والنقاد الكثالكة لسيادته الكنسية، والحق أن مطاردة الهراطقة قد استمرت وظلت طوال مدة حكمه. وفي عام ١٥٣١ أحرق توماس بلني بأمر أصدره الحاجب توماس مور، لأنه انتقد الصور الدينية، ورحلات الحج والصلوات من أجل الميت. وقبض على جيمس بينهام لأنه اعتبر أن المسيح لا يكون حاضراً في القربان المقدس إلا بروحه فعذب لكي ينتزع منه أسماء هراطقة آخرين، وتشبث بما قال وأحرق في سمثفيلد في أبريل عام ١٥٣٢. واحرق آخران في ذلك العام وعرض أسقف لندن أن يمنح في خلال أربعين يوماً صك غفران للمسيحيين الصالحين الذين يحملون حزمة من الحطب لتغذية النار (٢٠).
ووصل عهد الإرهاب إلى ذروته في اضطهاد فيشر ومور، وقد وصف أرازموس أسقف روشستر بأنه "شخص مثقل بكل فضيلة (٢١") بيد أن فيشر نفسه قد اقترف ذنب الاضطهاد، وقد انضم إلى السفير الإسباني في حث شارل على غزو إنجلترا وخلع هنري (٢٢). وقد اقترف في نظر القانون جريمة خيانة الدولة، وهو أمر لم يشفع له عندما احتج بأنه كان مخلصاً للكنيسة. وارتكب الحبر الأعظم الجديد، بولس الثالث خطأ بتعيين