"يبدو أن لئيس Lais الكورنثية كانت أجمل من أية امرأة وقعت عليها العين" (٧٥). وتتنازع شرف مولدها مدن لا تقل في عددها عن المدن التي تتنازع شرف انتساب هومر إليها. ويتوسل إليها المَثالون والرسامون أن تقف أمامهم لينحتوا تمثالها أو يصوروها، ولكنها تتمنع حياءً وخجلاً، ثم يتغلب عليها ميرون Myron العظيم في شيخوخته فتقبل طلبه؛ حتى إذا خلعت ثيابها نسي وقار شَعْره الأبيض ولحيته وعرض عليها أن ينزل عن ما يملك إذا أقامت معه ليلة واحدة، فتبسمت ضاحكة من قوله، وهزت كتفيها المستديرتين، وتركته دون أن ينحت التمثال. وفي صباح اليوم الثاني اشتد به الوجد، وعادت إليه نشوة المراهقة، فصفف شعره، وحلق لحيته، وارتدى ثوباً قرمزي اللون، وتمنطق بمنطقة ذهبية، وتقلد قلادة ذهبية، وتختم في جميع أصابعه، وحمر خديه، وعطر ثيابه وجسمه، ثم ذهب وهو على هذه الصورة يطلب لئيس ويعلن إليها أنه متيم بها. فنظرت إلى صورته الممسوخة وعرفت من هو، ثم أجابته بقولها:"أيها الصديق المسكين، إنك تطلب إلي ما أبيته على أبيك بالأمس"٦٧). وجمعت لئيس من مهنتها ثروة طائلة، ولكنها لم تكن تمنع نفسها عن فقراء العاشقين من ذوي الجمال؛ وقد أعادت دمستين القبيح الصورة إلى الفضيلة، بأن طلبت إليه عشرة آلاف درخمة أجر ليلة واحدة (٧٧). واكتسبت من أرستبس الثري من المال ما أفزع خادمه (٧٨)، أما ديجين المعدم فكانت تسلم نفسها إليه بأقل أجر، لأنها يسرها أن يجثو الفلاسفة أمام قدميها. وقد أنفقت ثروتها في سخاء في تشييد المعابد والمباني العامة، وعلى الأصدقاء، ثم عادت آخر الأمر، كما يعود معظم من على شاكلتها، فقيرة كما كانت أيام شبابها. وأخذت تمارس مهنتها صابرة إلى آخر أيام حياتها، فلما قضت نحبها أقيم لها قبر فخم تكريماً لها، لأنها كانت أعظم غازية منتصرة عرفها اليونان طول تاريخهم (٧٩).