كبيراً، ودعته ليعود، فحلق لحيته، وهذب شعره، وارتدى بزته العسكرية، وظهر في البلاط، واهتز طرباً لبسمات الإمبراطورة. وحين افتقدت كاترين الكفاية في فاسيلتشيك فتحت ذراعيها لبوتميكن، وكان يومها في الرابعة والعشرين، في أوج عنفوانه وفتنته. وسعان ما هامت به هيامه بها، وراحت تحبوه بوصلها، وتغدق عليه الروبلات، والأراضي، والأقنان، وحين كان يغيب كانت ترسل إليه رسائل غرامية بريئة من مظهر الجلالة.
"ما أعجب حالي! كل شيء اعتدت أن أسخر منه وقع لي الآن، لأن حبي لك أعماني. فالعواطف التي ظننتها بلهاء مفرطة غير طبيعية أمارسها أنا نفسي الآن. إنني لا أقوى على إبعاد عيني الغبيتين عنك .. ..
"لا نستطيع الالتقاء إلا خلال الأيام الثلاثة القادمة، فبعدهايحل أول أسبوع في الصوم الكبير، المخصص للصلاة والصيام. وسيكون اللقاء إثماً كبيراً. إن مجرد التفكير في هذا البعد يبكيني" (٢٦).
وعرض عليها الزواج، ويعتقد بعض المؤرخين أنهما تزوجا سراً، وفي خطابات عدوه تعدوه "زوجي الحبيب" وتتكلم عن نفسها فتقول "زوجتك" (٢٧)، رغم أننا يجب ألا نستخلص الحقيقة أبداً من مجرد الألفاظ ويبدو أنه ملها، ربما لهيامها الجموح به؛ وتبين أن صوت المغامرة أقوى لديه من الدعوة للهجوم على قلعة فرغ من فتحها. وقد ظل نفوذه عليها عظيماً حتى أن معظم المقربين الذين خلفوه لم يخلفوه إلا بعد الحصول على موافقته.
وهذا ما حدث لبيوتر زافودوفسكي، الذي استدفأ في خدرها من ١٧٧٦ إلى ١٧٧٧، ولسيمون زوريتش (١٧٧٧ - ١٧٧٨)، وإيفان رمسكي-كورساكوف (١٧٧٨ - ١٧٨٠). ولم تشعر بغرام يملك عليها لها مرة أخرى إلا حين اتخذت ألكسيس لانسكوي (١٧٨٠) عشيقاً. فهذا الفتى لم يكن وسيماً كيساً مثقفاً فحسب، بل كان صاحب حس شعري