من المسلمين، من البحر الأحمر إلى الأطلسي، فكان يحكم مصر باشوات يعينهم السلاطين، وكان يحكم طرابلس وتونس والجزائر ومراكش أسرات مسلمة محلية يختلف خضوعها للسلاطين باختلاف البعد بينها وبين الآستانة، وكان هذا هو عهد أسرة السعديين (١٥٠٠ - ١٦٦٨) في المغرب، وكانت عاصمتها مراكش تعج بالتجارة وتتألق بالفن. وامتدت الدولة العثمانية في أوربا من البسفور عبر اليونان (بما فيها أثينا وإسبارطة) والبلقان والمجر، على بعد مائة ميل من فيينا، وعبر دالمشيا إلى أبواب البندقية، وعبر البوسنة وألبانيا، وما كان ثمة إلا قفزة واحدة عبر الأدرياتيك حتى تصبح في إيطاليا البابوية. وهناك وفي فيينا الواقعة تحت الحصار، لم يكن الحوار الكبير بين البروتستانت والكاثوليك بل بين المسيحية والإسلام. وداخل هذا النطاق الإسلامي عاشت المسيحية حياتها الممزقة.
ومهما كان من أمر امتداد الإسلام غرباً فإنه ظل شرقياً. وكانت القسطنطينية نافذة على أوربا ولكن جذور العثمانيين امتدت كثيراً إلى الوراء، إلى آسيا وبذلك استطاعت تركيا المزهوة المبتهجة أن تقلد أوربا. وفي بعض بقاع العالم الإسلامي قتلت حرارة الصحراء أو الحرارة المدارية روح الحيوية. وعوقت المسافات الشاسعة غير المسكونة التجارة، ولم يجد الناس في أنفسهم تحمساً إلى كسب المعرفة وتحصيلها مثل الأوربيين الغربيين، فشجعوا الجمود وعدم التحرك، وكانوا أكثر استعداداً للقناعة ولم يتصفوا بالطموح. وكانت الحرف والصناعات غير المتغيرة في الإسلام متقنة، ولكنها كانت تتطلب وقتا، وكان يعوزها الذوق، ولم تتجه إلى الصناعة على نطاق واسع وكانت القوافل مثابرة صابرة، ولكنها لم تقو على منافسة الأساطيل التجارية التابعة للبرتغال وأسبانيا وإنجلترا والأراضي الوطيئة التي كانت تجوب كل المسالك المائية إلى الهند. على أن بعض الثغور الواقعة على البحر المتوسط مثل أزمير، ازدهرت بفضل نقل البضائع بين السفن والقوافل. وينفخ الإسلام في الناس روح