للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشجاعة المفعمة بالأمل زمن الحرب، ولكنه كان يغرس في نفوسهم وقت السلم روح التسليم بالقضاء والقدر التي تثبط من عزائمهم (١) وأغراهم بحلقات الذكر والأحلام الصوفية. وعلى الرغم من أن الإسلام في عصر الفتوة والشباب أجاز قدراً كبيراً من العلوم. فأنه هبط آنذاك بالفلسفة إلى حذلقة جوفاء قوامها التعاليم والأساليب التقليدية. وعمل العلماء من رجال الدين الذين سنوا القوانين على أساس القرآن الكريم-على تنشئة الأطفال على الدين القويم، وحرصوا على كل الحرص حتى لا يطل عصر العقل برأسه على العالم الإسلامي وهناك هيأ الصراع بين الدين والفلسفة نصراً حاسماً للدين.

أضف إلى ذلك أن هذا الدين تيسر له غزو البلاد التي اقتطعت من العالم المسيحي. فقد كان للكنيسة الشرقية بطاركتها في القسطنطينية وإنطاكية، وأورشليم والإسكندرية، ولكن عدد المسيحيين فيها كان يتناقص بسرعة، وظل الأرمن في آسية الصغرى والأقباط في مصر على عقيدتهم المسيحية، ولكن الجماهير عامة في آسيا وإفريقية والبلقان اعتنقت الإسلام. وربما كان لهذا أسباب عملية، فلو بقوا على عقيدتهم المسيحية لحرموا من الوظائف العامة، ودفعوا ضرائب باهظة مقابل إعفائهم من الخدمة العسكرية وسلموا واحد من كل عشرة من أبنائهم ليربى تربية إسلامية يؤهله للانضمام إلى الإنكشارية ليعمل في الجيش، أو ليتولى الوظائف الحكومية.

وفيما عدا هذا، تمتع المسيحيون في العالم الإسلامي بتسامح ديني ما كان حاكم مسيحي ليحلم بمنحه للمسلمين في أي بلد مسيحي. من ذلك، على سبيل المثال، أن المسلمين كان لهم في أزمير ١٥ مسجداً، وللمسيحيين ٧ كنائس ولليهود ٧ معابد (١). وكانت السلطات في تركيا والبلقان تتولى حماية الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية ضد أي تحرش أو إزعاج أثناء العبادة


(١) هذا كلام يدل على عدم التعمق في فهم حقيقة الإسلام؛ ولكنا نورده بنصه توخياً للأمانة في الترجمة- (المترجم)