والصلوات (٢). وذهب صموئيل بيبس في يومياته إلى أن معظم المجر استسلم للأتراك لأن البلاد نعمت في ظل الحكم العثماني بحرية دينية أكبر مما نعمت به في ظل الأباطرة الكاثوليك. وهذا حق كل الحق من جانب المسيحيين المهرطقين. فقد ذكر سير توماس أرنولد:"أن الكلفنيين في المجر وترنسلفانيا والموحدين في هذا البلد الأخير آثروا الخضوع للأتراك على الوقوع تحت نيران آل هبسبرج المتعصبين وأن البروتستانت في سيليزيا تطلعوا إلى الأتراك، وربما ارتضوا عن طيب خاطر أن يشتروا حريتهم الدينية مقابل الخضوع للحكم الإسلامي (٤) "ومما يلفت-النظر أو يثير الدهشة أكثر من ذلك، حكم السلطات المسيحية القيادية على تاريخ اليونان الحديث: -
إن كثيراً من اليونان ذوي المواهب العظيمة والخلق الرفيع كانوا أكثر إدراكاً لتفوق المسلمين، حتى أنهم، حين نجوا من سوقهم إلى خدمة السلطان في نطاق "صريبة الأطفال"، اعتنقوا الإسلام طواعية واختياراً. ولابد من التسليم بأن السمو الخلقي في المجتمع العثماني كان له دخل كبير في هذا التحول إلى الإسلام، قدر ما كان الطموح الشخصي لدى الأفراد (٥).
ولكن من الصعب تحديد هذا "السمو الخلقي" لدى أتراك القرن السابع عشر. فإن تافرنيه الذي تجول واشتغل بالتجارة في البلاد الإسلامية في ١٦٣١ - ١٦٣٣، ١٦٣٨ - ١٦٤٣ وما بعدها، قال:"في تركيا لصوص كثيرون يتجمعون في عصابات تقطع طريق التجار (٦) " وكان الأتراك معروفين بنزعتهم الهادئة إلى الخير ولكن نفس الديانة التي روضت دوافعهم غير الاجتماعية وقت السلم، أطلقت لهم العنان في ضراوة وعنف في حربهم مع "الكفار" وكان استرقاق الأسرى المسيحيين مباحاً. ووقعت غارات في الأراضي المسيحية القريبة من الحدود العثمانية لاصطياد المسيحيين واسترقاقهم، ومهما يكن من أمر، فإن اتجار العثمانيين في الرقيق كان أقل بكثير، عدداً وقساوة، من الحملات التي قام بها المسيحيون لجمع الرقيق في القارة السوداء. وكان الانغماس في الشهوة الجنسية في العالم الإسلامي أشد