وأكثر إرهاقاً منه في العالم المسيحي، ولو أنه كان عادة في نطاق الحدود المنظمة لتعدد الزوجات. وكان المجتمع التركي، على وجه التحديد، مجتمع رجال، ولما كان اتصال الرجال بالنساء محظوراً خارج البيت، فقد أنس المسلمون بمعاشرة الغلمان، عشرة عذرية (أفلاطونية) أو جسدية. وانتشر السحاق داخل الحريم (٨).
وسادت حياة عقلية نشيطة، ولو أنها مقيدة، بين أقلية كبيرة من المسلمين. وربما كانت نسبة معرفة القراءة والكتابة تركية أوربا في القرن السابع عشر أعلى منها في العالم المسيحي وربما حكمنا على وفرة الكتب من ثبت جمعه حاجي خليفة (١٦٤٨)، يضم أكثر من ٢٥ ألف كتاب في اللغات العربية والتركية والفارسية. وكانت هناك مئات المجلدات في الدين والفقه والعلوم والطب والبلاغة والسير والتاريخ (٩). وكان من أشهر المؤرخين أحمد بن مجمد، غالباً ما استندنا في كتابنا هذا إلى مؤلفه "تاريخ الأسرات الإسلامية في أسبانيا"(نفح الطيب). وقد عرفناه أساساً باسم "المقري" وقد أشتق أسمه من اسم مسقط رأسه في قرية في الجزائر. ومعظم كتابه عبارة عن قطع منقولة أو مختصرة من كتب قديمة، ومع ذلك فهو إنتاج جديد بالذكر في عصره، لم يزودنا بأخبار السياسة والحرف فقط، بل أمدنا كذلك بشيء عن الأخلاق والقانون والنساء والموسيقى والأدب والطب. وأحيى مدونته بالتفاصيل الممتعة والحكايات والنوادر التهذيبية.
ونظم الشعر كل من عرف القراءة والكتابة في تركيا تقريباً. واشترك الحكام بحماسة في هذه المباراة (كما هو الحال في اليابان). وألف محمد سليمان أوغلوا المعروف "بالفضولي"(وهو اسم أخف على السمع)، أرق أغاني الحب في ذاك العصر، وربما بدت سخيفة ساذجة في الترجمة. الإنجليزية الرديئة التي توفرت لنا، ولكنا ندرك مراميه-تميزت غادات بغداد بالدفء والحرارة والطراوة ونعومة الملمس، والخفة والرقة حتى