يتزوجن. أما محمود عبد الباقي (المتوفى ١٦٠٠) وهو أعظم الشعراء الغنائيين العثمانيين، فإنه بعد أن كان المغني الأثير لدى سليمان القانوني، ظل يشدو لمدة أربعة وثلاثين عاماً بعد وفاة راعيه. وكتب نافع الذي عاش في أرضوم. هجاء لاذعاً، لابد أن شيئاً منه صعد إلى السماء، فإنه بينما كان السلطان مراد الرابع يقرأ قصيدة منه نزلت صاعقة على قدميه، فمزق السلطان الكتاب ونفى الشاعر من القسطنطينية، وسرعان ما أعيد إليها، ولكن قصيدة هجائية أخرى لذعت الوزير بيرم باشا، فأمر بقطع رأسه (١٠).
وظل الفن العثماني ينتج التحف والروائع، فقد بنى مسجد أحمد الأول في ١٦١٠ ليشرف على العاصمة بمآذنه الست المحلقة في الجو، وسلسلة قبابه المنتفخة (البصلية الشكل)، وأعمدته المحززة الضخمة في الداخل، وأقواس الفسيفساء، والكتابات الفخمة والزخارف المتألقة. وبعد ذلك بخمسة أعوام أهدى السلطان لزوجته ذات الحظوة لديه مسجد بيتي فالدي جاميسي الرائع. وبنى في هذه الحقبة في دمشق مسجدان فخمان. أما في أدرنه فإن المهندس المعماري الذي لا نظير له، سنان الذي كان قد وضع تصميم مسجد سليمان شاد للسلطان سليم الثاني مسجداً يعده بعض الناس أعظم من أي مسجد آخر في القسطنطينية.
ولم تتفوق أية حضارة على الإسلام في صنع تربيعات القرميد الجميلة التي نشاهدها، على سبيل المثال في مسجد أحمد الأول، وأجمل منها تلك التي تزين مدخل ضريح سليم الثاني بالقرب من أيا صوفيا بباقات من الأزهار البيضاء والزرقاء وسط أغصان وأوراق خضراء وزرقاء وحمراء، ولا يمكن أن تكون الزهور الحية أجمل من ذلك، بل قد تحسد نظيراتها المصنوعة على طول بقائها. وكانت أزنيق-حيث رأس قسطنطين منذ ثلاثة عشر قرناً المجمع التاريخي الذي ثبت العقيدة المسيحية-نقول كانت مشهورة بتربيعاتها البراقة وثمة نماذج مقنعة منها في متحف المتروبوليتان للفن.
وكان رسم المنمنمات في تركيا يحاكي نظيره في فارس التي سنتحدث عنها وشيكاً أما الخط فقد ذاع صيته (يقال أن سطر واحد بخط مير عماد بيع بقطعة