للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي حاول التخفيف من الموت بالرجاء. وحاولت الآن، وهي التي ظلت طويلاً صديقة للفلاسفة، أن تستعيد أيمان طفولتها. فصلت كما يصلي الطفل:

"أستودع الله روحي، متوسلة إليه أن يرحمها، وأن يغفر لي آثامي، وأن يمنحني نعمة الند عليها والموت جديرة بمراحمه، راجية أن أرضي عدله ببهاء الدم الثمين، دم يسوع المسيح مخلصي، وبشفاعة العذراء مريم وجميع القديسين في الفردوس (٩) ".

وهمست في أذن القسيس الذي كان يبرح الحجرة وهي تعالج سكرات الموت: "انتظر لحظة" سنبرح البيت معاً (١٠). وماتت في ١٥ إبريل ١٧٦٤ مختنقة باحتقان في رئتيها، وكانت في عامها الثاني والأربعين.

وليس صحيحاً أن لويس تقبل موتها في غير مبالاة، فهو إنما أخفى حزنه فقط (١١) قال الدوفين: "أن الملك في كرب شديد وإن تمالك نفسه أمامنا وأمام جميع الناس" (١٢). ففي ١٧ إبريل، حين حمل جثمان المرأة التي ظلت نصف حياته طوال عشرين عاماً، من قصر فرساي في يوم قارس البرد شديد المطر خرج إلى الشرفة ليطل عليه وهي تبرح القصر وقال لتابعه شامبلوست "ستلقى المركيزة جواً رديئاً جداً" ولم تكن هذه ملاحظة عابثة فقد روى شامبلوست أن في عيني الملك دموعاً تترقرق، وأن لويس أضاف قائلاً في حزن "هذه هي التعزية الوحيدة التي أستطيع تقديمها لها (١٣) ". ودفنت بناء على رغبته جنباً إلى جنب مع طفلتها الكسندرين، وفي كنيسة الكبوشيين التي اختفت الآن-في ميدان فاندوم.

واغتبط البلاط لتحرره من سلطانها، أما الشعب الذي لم يحس بسحرها فقد لعن إسرافها الشديد، ولم يلبث أن نسيها؛ وأما الفنانون والكتاب الذين ساعدتهم فقد حزنوا لفقد صديقة منعمة متفهمة. على أن ديدرو كان قاسياً في حديثه عنها إذ قال: "إذن ماذا بقي من هذه المرأة التي كلفتنا هذا الثمن الغالي من المال والرجال، وتركتنا دون شرف ولا همة، وقلبت نظام أوربا السياسي بأسره؟ حفنة من التراب" وأما فولتير فقد كتب من فرنيه يقول: