الأشراف الذين كانوا يجتمعون معهم في مجالس الحكم في طليطلة؛ ومع أن سلطة الملك كانت سلطة مطلقة من الوجهة النظرية، ومع أنه كان هو الذي يختار الأساقفة، فإن هذه المجالس كانت هي التي تختاره، وتأخذ عليه قبل أن يباشر الحكم المواثيق بشأن السياسة التي تريد منه أن يتبعها، ووضعت بإرشاد رجال الدين طائفة من القوانين (٦٣٤)، كانت أوفى جميع شرائع البرابرة وأقلها تسامحاً. وقد أصلحت من شأن الإجراءات القضائية بأن عمدت إلى تقدير شهادة الشهود في تقدير أخلاق المتهمين بدل شهادات الأصدقاء، وطبقت قوانين واحدة على الرومان والقوط الغربيين، فوضعت بذلك مبدأ المساواة أمام القانون (٦٠). ولكنها لم تأخذ بمبدأ حرية العبادة، وحتمت على جميع السكان أن يعتنقوا المسيحية الصحيحة، وأقرت اضطهاد يهود أسبانيا الذي دام طويلاً، وارتكبت فيه أشد ضروب القسوة.
ونسي القوط الغربيون قبل أن ينقضي على فتحهم أسبانيا لغتهم الألمانية بتأثير نفوذ الكنيسة التي ظلت تستخدم اللغة اللاتينية في مواعظها وطقوسها الدينية، وأفسدوا اللاتينية المستعملة في شبه الجزيرة بأن أدخلوا عليها قوة الرجولة والجمال النسوي اللذين تمتاز بهما اللغة الأسبانية الحاضرة، وكانت المدارس الملحقة بالأديرة والأسقفيات هي التي تقوم بالتعليم، وكان معظمه تعليماً كنسياً، ولكنه كان يشمل شيئاً من دراسة الكتب القديمة، وأنشئت مجامع علمية في بقلارا Vaclara وطليطلة، وسرقسطة، وأشبيلية، وكان الشعر يلقى تشجيعاً كبيراً، وأما التمثيل فكان يقاوم لما فيه من فحش وبذاء.
ولم يحفظ التاريخ من أسماء الأدباء في أسبانيا القوطية إلا اسم إزدور Isidorc الأشبيلي (حوالي ٥٦٠ - ٦٣٦). وتروي إحدى الأقاصيص الطريقة كيف هرب غلام أسباني من بيته غضباً من تأنيبه من أجل كسله، وأخذ يطوف بالبلاد حتى أنهكه التعب، فجلس إلى جانب بئر، فاستلفت نظره شق عميق في